5 يناير 2013

نقد تعليق الزميل ابن الكلمة



 ديدات والنقد النصى
 

نقد التعليق على التعليق



خلال تدوينه سابقة ( هنا ) كنت قد قدمت تعليقاً على مقالة للزميل (ابن الكلمة) والتى إنتقد فيها الشيخ (أحمد ديدات) فى قوله بعدم صحة قراءة (وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ.) لوقا 24-51 وأيضاً فى قوله بأنه لا توجد إشارة صريحة لصعود المسيح الى السماء إلا فى إنجيلي لوقا ومرقس فقط.

كانت ردودى واضحة وبينت فيها بما لا يقبل الشك ان كلام الشيخ رحمه الله ليس من تفرده وإنما هو أقوال علماء المسيحية أنفسهم قديماً وحديثاً وذلك سواء على عدم صحة تلك الفقرة او القول بأن الصعود غير مذكور فى الأناجيل.

اليوم فقد قرأت رد او تعليق الزميل (ابن الكلمة) - كما سماه - على هذا المقال ( هنا ) و ( هنا

  
لتحميل النقد على تعليق الزميل (ابن الكلمة)
( هنا )



1- الشيخ ديدات رحمه الله لم يخطئ فيما نقله لا عن الفقرة ولا عن كون الأناجيل لا تذكر الصعود للمسيح والزميل فى تعليقه لم يقدم ما يثبت ان الشيخ مخطئ فى ذلك. 

2- تعليق الزميل تغير عن أصل الموضوع الذى طرحة مسبقاً حيث صار (الإتفاق) إلى (اغلبية) على ان الفقرة صحيحة بإنجيل لوقا. ولكنه حتى يفتقد التمتع بقوة (الأغلبية) حيث يقول العالم (واين كانداى):
(( بمعزل عند تلك القراءات -يقصد لوقا 24/51 وخاتمة مرقس- المعترف بها على نطاق واسع بأنها زائفة، فإن حادثة الصعود مذكورة فقط بأعمال الرسل ولم تذكر بأى مكان فى الأناجيل ))
Wayne Kannaday: Apologetic Discourse & The Scribal Tradition 2004, p195

3- الزميل هو نفسه قد سقط فى أخطاء فى محاولاته الواضحة المستميتة لإلباس الخطأ للشيخ رحمه الله.

4- النسخ النقدية منها ما هو يحذف الفقرة ومنها ما هو لا يحذفها والشيخ ديدات كان يمسك بنسخه تحذف تلك الفقرة فليس هو مخترع عدم صحتها وما أغرب ان يتجاهل الزميل ان علماء اللجنة انفسهم كانوا منقسمين ما بين مؤيد ومعارض.

5- علماء النقد النصى اليوم ينظرون الى نظرية الزيادات غير الغربية كحالات منفردة.

6- نظرية الزيادات غير الغربية لم ترفض بشكل كلى بل هناك علماء من أشهر علماء النقد النصى لا يزالون حتى تلك اللحظة يقرون بصحتها – وفقاً لحالاتها المنفردة – أمثال إيرمان بارت وديفيد باركر ومايكل هولمز.

7- نص اللجنة او نستل آلاند لم يعد هو النص المعيارى عند علماء النقد النصى اليوم بل هو فى الطريق إلى النهاية ولعل ابسط مثال على ذلك ان نص النسخة الخامسة من اللجنة ونص النسخة 28 من نص نستل آلاند قد تغير فقط فى ضوء أبحاث نص نسخة Editio Critica Maior والتى عبر العالم (ديفيد باركر) عن مستقبلها عند علماء المسيحية قائلاً:
(( كافة الأناجيل الدارجة - يقصد الترجمات باللغات المختلفة - ستعتمد على نص نسخة Editio Critica Maior  ))
David Parker: Textual Scholarship and the Making of The New Testament, p121

8- النص الغربى والمخطوط بيزا تحديداً قد يحتوى على القراءة الصحيحة فى بعض المواضع بشهادة أغلب علماء النقد النصى (مرقس 1/41) على الرغم من إقرارهم كذلك انه ليس بالنص النقى.


13 نوفمبر 2012

عصمة العهد الجديد .... الأساطير النصية




 Craig A. Evans




هذه الأعداد ليست أصلية بإنجيل متى



فى تدوينة سابقة رأينا كيف ان قرارات العالم النقدى ليست بالضرورة تندرج تحت باب "الإيمان الكنسى" ولكنها فى الواقع قد تندرج تحت باب "الإيمان الشخصى" وضربنا امثلة على ذلك بالعالم النقدى الشهير: بروس متزجر (هنا) و (هنا) ، وكذلك العالم دانيال والاس (هنا)، ورأينا كيف ان مقولة (متزجر) مثلاً عن عدم خطورة النقد على الكتاب المقدس وانها لا تؤثر فى الإيمان هى من منطلق الإيمان (الشخصى) له، فهو فى الحقيقة يؤمن بعدم عصمة الإناجيل بل هو صراحة يقر بخطأ الإنجيلى نفسه بالعدد 7-8 من الإصحاح الأول.

اليوم فإننا نقدم مثالاً اخر لعالم أصولى محافظ ألا وهو العالم: كريج آلان إيفانز، (كريج) له مؤلفات كثيرة فى اللاهوت والتفاسير والنقد النصى والتاريخ المسيحى بالإضافة فإن له مناظرات شهيرة مع العالم (إيرمان بارت).
 يقول دكتور (كريج) عن موثوقية التقليد المخطوطى فى الإنتقال النصى للعهد الجديد:
(( اى زعم بان تقليد المخطوطات اليونانية مليئ بالأخطاء للدرجة التى تجعلنا غير قادرين على معرفة ما كتبه مؤلفى العهد الجديد حقاً هو للأسف زعم مغلوط ))
The Reliability of The New Testament, p167 

كلمات قيمة جداً تصلح للإستشهاد ضد أى ناقد يقول ان التقليد المخطوطى الذى ينقل لنا نص العهد الجديد غير موثوق به، لكن هذه نصف الحقيقة، نعم (كريج) قال هذا وهو يؤمن به لكنه أيضاً يقول ويؤمن بأمور لا يمكن ان نجمعها مع هذا القول فى إيمان اى مسيحى اخر او الإيمان الكنسى بشكل عام.

العالم (كريج) لا يؤمن بأصولية الأعداد التى تتحدث عن صمت النساء بالكنائس والمنصوص عليها برسالة كورنثوس الأولى والإصحاح 14. كذلك العالم (كريج) لا يؤمن بأصولية نهاية مرقس ولا يؤمن بصحة قصة المرأة الزانية. 
فهل هذه الأمور لا تؤثر فى إيمان المسحي العادى او الإيمان الكنسى ... ؟!
الإجابة ببساطة بل تؤثر وتهدم إيمان البعض فعلاً كما أشار البابا شنودة فى معرض رده على متى المسكين (هنا)    

ما يهمنا هنا هو إختبار التقليد المخطوطى فى ضوء قضايا ليس عليها إختلاف فى المخطوطات فعلاً. 
فإذا كانت بعض المخطوطات هى التى أجبرت العلماء على رفض نهاية مرقس وقصة المرأة الزانية لعدم إحتوائها على تلك الفقرات.
فإن قضية صمت النساء ثابته بكل المخطوطات مع بعض الإختلاف فى موضعها ولكن لا يوجد مخطوط واحد يحذفها.

فإين هى موثوقية التقليد  المخطوطى مع إقرار (كريج) لعدم صحة تلك الفقرة وهى ثابته فى كل المخطوطات ؟!
نعم ربما لأن هذا الإختلاف بالموضع هو الذى دفع بعض العلماء للشك فيها فإن النص التالى والذى رفض صحته (كريج) أيضاً لا خلاف عليه فى المخطوطات البته .. فلا إختلاف فى موضعه ولا يوجد مخطوط واحد فى العالم يحذفه ومع ذلك رفض صحته (كريج)، بل هو يدعو صراحة الى تخيل إكتشاف مخطوط قديم لن يحتوى على تلك الفقرة.
إنها فقرة قيامة القديسين بإنجيل (متى) الإصحاح 27 والأعداد 52-53.


حيث يقر الدكتور (كريج) بعدم صحتها قائلاً:
(( أخيراً فإننا نرى القصة الغريبة جداً للقديسين الأموات والذين قاموا مع يسوع. وفقاً لمرقس فإن حجاب الهيكل عند موت يسوع قد إنشق وقائد المئة أقر بأن يسوع كان حقاً ابن الله (مرقس 15/ 38-39). القصة بإتجيل متى بها تفاصيل إضافية. ليس فقط إنشقاق حجاب الهيكل: "والأرض تزلزلت، والصخور تشققت  والقبور تفتحت، وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين وخرجوا من القبور بعد قيامته، ودخلوا المدينة المقدسة، وظهروا لكثيرين" (متى 27/ 51-53). تفاصيل زلزلة الأرض وإنشقاق الصخور ربما هى من إضافات (متى) للقصة. لكن ماذا عن باقى الكلام بالأعداد 52-53؟ هل قام القديسين (او المباركين) ايضاً بداية الفصح؟
على الرغم من إدراكى من أننا لا تملك مخطوطاً واحداً يدل على إقتراحاتى من ان هذه الأعداد ليست جزءاً أصلياً من قصة (متى)،  أنا أعتقد أيضاً بأنها قد إضيفت الى النص من قبل النساخ المسحيين القدامى، ربما من خلال إستلهام النسخة اليونانية لزكريا (14/ 4-5) .... انا اقول ذلك بسبب ان العامل الزمنى غير الملائم المقدم من تلك الحادثة الغريبة لقيامة القديسين الأموات. نحن نقرأ انه عند زلزلة الأرض وتشقق الصخور وإنفتاح القبور والقديسين الاموات قاموا (العدد 52). لكن هذا كان الجمعة بعد الظهر نفس يوم موت يسوع. القديسين القائمين لم يغادروا فعلاً قبورهم ويدخلون أورشليم (المدينة المقدسة) إلا "بعد قيامة يسوع" (العدد 53). هذا لغز محير. القديسين الأموات قاموا يوم الجمعة يوم موت يسوع (وهم بذلك قد سبقوا يسوع فى قيامته)، لكنهم مكثوا فى قبورهم حتى الأحد (وذلك حتى لا يسبقوا يسوع؟). الأمر غريب إذ كيف يمكن لأى شخص ان يعرف ان هؤلاء الأشخاص القائمون هم فى الحقيقة قديسين متوفين. ألا يمكن ان تعد ببساطة لزائرى أورشليم او لحجاج زائرين للفصح؟ علاوة على ذلك ما الذى حدث لهم؟ هل عادوا الى قبورهم؟ .... تلك الإضافة للقصة من قيامة القديسين غير ملائمة زمنياً وفى رأيى لا تعكس المهارة الأدبية للإنجيلى متى. ربما تكون إضافة توضحية فى محاولة لتعزيز قصة القيامة. يوم ما سنكتشف مخطوطاً يونانياً يعود للقرن الثانى الميلادى يتضمن الجزء الأخير من إصحاح 27 لمتى، ولن أشغر بالإستغراب إذا كانت الأعداد 52-53 غير متضمنه به.))
The Reliability of The New Testament, p166-167 
 
الكلام ذاته سنجده فى تفسيره الحديث لإنجيل متى ص466-467
 
ما يجب ان نشير إليه هنا ان (كريج) لم يستخدم النقد النصى ولكنه إستخدم النقد الشكلى فى إثبات عدم موثوقية التقليد النصى فى ذلك الموضع .. إذ ما يجب ان نفهمه هو ان النص ثابت بلا خلاف فى كل المخطوطات ما يعنى ان عدم إقرار صحة (كريج) له هو ببساطة طعنة فى اى نص ثابت فى التقليد المخطوطى بلا خلاف ويدل على ان عدم خلاف المخطوطات ليس بالضرورة يدل على الموثوقية لتلك المخطوطات بل يثبت ببساطة اكثر ان التقليد المخطوطى الباقى قد قام فوق نص فاسد وان: 
 

ان النص الأصلى قد ضاع ولا يمكن إستعادته بالنقد النصى