3 نوفمبر 2012

النقد النصى وأثره فى الإيمان المسيحي (2)



 Cullen I. K. Story



ربما مرقس قد إرتكب خطأ




كلمات بسيط ختم بها البروفيسور "ستوري" بحث العالم "إيرمان بارت" حول مشكلة أبياثار بمرقس 2-26. لم يكن "ستوري" هرطوقياً او مسلماً لكنه كان على وصف "ايرمان": (عالم مسيحى جيد) ص9
إنها الكلمات البسيطة ذاتها التى يجب علينا ان نستحضرها ونحن نعيد النظر فى كلمات "متزجر":
((الإنجيلي ربما اتخذ شجرة الأنساب من مادة مُشتقة، ليس من العهد القديم مباشرة، لكن من قوائم أنساب لاحقة والتي وقع فيها خطأ التهجي ))
وما المانع لعل "متى" قد وقع فى خطأ بسيط !!! يراجع التدوينة السابقة بهذا الصدد ( هنا )

خطأ القديس "متى" هنا ليس بتلك البساطة التى يتخيلها البعض من انه لا مشاكل فى ان الإنجيلى "متى" قد نقل ما هو امامه من باب: (( لكن لو بنتكلم عن خطأ ان يكون متى امامه قائمة مكتوب فيها " اسا " وكتبها " اساف " وهذا لم يقله بل قال انه استخدم قائمة فيها الاسم بنفس هذة التهجئة ))
فالفرضية الأولى لا يقدمها عاقل اصلاً اذ كيف السبيل الى معرفة ما هو كان امام الإنجيلى "متى" من الأصل. ؟!
بل القضية برمتها تتمثل فى الشطر الأخير وهو ان المصدر المعتمد عليه من القديس "متى" كان يحوى خطأ هذا الخطأ نقله القديس كما هو بدون ان يعرف صخته من عدمه.
قضية هذا الأمر ترتكز بشكل رئيسى على النظرية السائدة بين علماء النقد اليوم والقائلة بأن:
(( كل من إنجيلى متى ولوقا استعملا إنجيل مرقس كمصدر أساسى فى صياغة إنجيليهما، بالإضافة إلى مصدر آخر مشترك بينمها سُمي بـ Q، هذه النظريات العلمية فى دراسة العهد الجديد هى من المسلسات، وهناك شبه إجماع عليها.))
ترجمات الكتاب المقدس فى الشرق - بحوث بيبلية مهداة إلى لوسيان عقاد - ص227

فإذا كان القديس "متى" لا يمكنه تحديد الصحيح من العليل فى المصدر الذى ينقل عنه فكيف نؤكد موثوقية المواضع الأخرى التى نقل فيها عن هذا المصدر "Q" ... الإجابة لا يمكن لأحد ان يجيب على ذلك فى ضوء هذا الإقرار ... ويجب ان تبقى العملية رهن الإيمان الكنسى بالثقة المطلقة لكلام الإنجيلى فى العلاقة مع تلك المصادر بإعتبار:
(( أن الروح القدس هو الذى أرشد الكتاب المقدسين إلى انتقاء المادة التى يكتبونها من بين المواد الأخرى ))
المدخل الى العهد الجديد - دار الثقافة المسيحية - ص176 

العالم النقدى "بروس متزجر" لا يؤمن بذلك كله ولا يؤمن بأن القديس "متى" معصوم فى إختيار المصدر الذى ينقل عنه فالأناجيل قد تحتوى على معلومات تاريخية غير صحيحة وغير حقيقية ... لقد عبر هنا "متزجر" مع اللجنة عن مصدر القديس "متى" باللفظ ( Erroneous ) ... فهل أرشد الروح القدس القديس "متى" الى مصدر خاطئ ؟!

بكل بساطة عميد النقد النصى فى القرن العشرين - وفقاً لوصف البعض - لا يهتم كثيراً بإجابة هذا السؤال لأن من البداية لا يؤمن أصلاً بعصمة الإنجليين ... هذا الكلام ليس للنقاش أصلا، فهذا الكلام حقيقة تاريخية حكى لنا العالم النقدى المحافظ "دانيال والاس" جزء من فصولها فى مقال له بعنوان My Take on Inerrancy عندما قال:

(( فى عام 1992 عندما كان "بروس متزجر" بحرم معهد والاس لمدة أسبوع لتقديم محاضرات توماس جريفز، كان الطلاب كثيراً ما يسألونه إذا ما كان يؤمن بالعصمة، صراحة كنت أعتقد ان سؤالهم قاس بعض الشئ خصوصاً وانهم كانوا على علم بإجابته (انه لا يؤمن بذلك) ......... إجابته كانت ببساطة بأنه لا يؤمن بالعصمة لشعروه بأنه من غير الحكمة إقرار اى عقيدة غير مؤكدة بالكتاب المقدس، وأنه لا يرى العصمة مؤكدة بالكتاب المقدس.))

لنعد مرة أخرى الى حيث بدء هذا الجانب من الحوار وكلام "متزجر" عن عدم تأثر العقيدة المسيحبة بالنقد الكتابى.
الأن يمكننا ان نفهم "متزجر" بشكل أوضح  من أن النقد الكتابى لا يؤثر على العقيدة من رؤيته هو فقط وليس من رؤية غيره.

ولا يختلف الأمر كثيراً عند علماء المسيحية فأشهر علماء النقد النصي فى العالم وهما "ويستكوت" و "هورت" لا يقران كذلك بعصمة الإنجليين وذلك كما نقل عنهما العالم "زان هودجيس" قائلاً: الجريدة النقدية - العدد الأول -ص68
(( بدءاً فإن ويستكوت وهورت لم يريدا بوضوح إلزام أنفسهما بعصمة الأصول ))

ومرور بـ "تشارلز بريجز" الذى نص صراحة على ان عقيدة العصمة هى عقيدة مفبركة من أجل هدف واضح وهو:
(( 4- العصمة: الحاجز الرابع الموضوع من قبل اللاهوتيين لإبقاء الناس بعيداً عن الكتاب المقدس هو عقيدة العصمة ..... تم التدريس حديثاً ولا يزال يتم التدريس من قبل بعض اللاهوتيين أن إثبات خطأ واحد يدمر سلطة الكتاب المقدس ... أنا أجرؤ على تأكيد ذلك، حتى الأن بإمكانى رؤية أخطاء بالكتاب المقدس لا يمكن لأحد ان يطرحها بعيداً وأن النظرية التى تقول بأنها غير موجودة بالنص الأصلى هى مجرض إفتراض. لو أن هذه الأخطاء تدمر سلطة الكتاب المقدس فإنها بالفعل قد دمرت عند المؤرخين.))
C. A. Briggs - Inspiration and Inerrancy, p55 

بكل بساطة انه العلم الذى قال عنه "جيمس بورلاند" :
(( علم النص السائد يمكن أن يُستخدم وهو يُستخدم في إنكار عصمة الكتابات الأصلية ))
Re-Examining New Testament Textual-Critical Principles p502

الخلاصة:
1- تأكيدات علماء المسيحية عن ثبات العقيدة المسيحية يجب ان تُفهم فى ضوء إيمان القائل نفسه ليس فى ضوء إيمان القارئ.
فكما هو الحال مع "بروس متزجر" والذى يؤمن بأنه لا توجد عقيدة تتأثر بالنقد الكتابى فإن هذا القول لا يؤخذ على ظاهرة لأن "متزجر" لا يؤمن بعصمة الأناجيل.. وهو الأمر الذى لا تقر به الكنيسة ولا تؤمن به.
وهو نفس الحال مع العالم "دانيال والاس" والذى كان للنقد النصى دوراً مركزياً فى عدم إقراره لعقيدة العصمة ( هنا )

2- البابا شنودة وغيره من رجال الكنيسة المسيحية على علم كامل بأثر النقد الكتابى فى الإيمان المسيحي - ولا عبرة هنا لقول المخالفين عن عدم إلمامه بالأمر - فإذا كانت الكنيسة القبطية تحارب التقليد الراسخ من أن إنجيل مرقس ما هو إلا مذكرات بطرس زاعمة بأن هذا التقليد معناه:
(( هدم للاعتقاد بأن إنجيل مرقس سفر مقدس وموحى به من الروح القدس ))
الكنييسة المسيحية فى عصر الرسل ص376
فما هو بالها بإثبات الدراسات النقدية بشكل شبة إجماعى على ان القديسين "متى" و "لوقا" هما كذلك قد إعتمدا على إنجيل "مرقس" كمصدر أساسى فى كتابهما.
الكنيسة ببساطة لا تؤمن بذلك ولن تؤمن بذلك لأن هذا معناه عدم الحاجة الى الوحى عندهما شئنهم فى ذلك شأن إنكار علاقة "مرقس" بـ "بطرس" لنفس السبب.
فأى قول هذا الذى يقول بأن الدراسات النقدية لا تؤثر فى العقيدة المسيحية ؟!

3- علم النقد الكتابى ومنذ القدم كان يشار إليه على انه العدو الأول للإيمان حتى ان العالم "سالمون" إنتقد ببساطة علماء النقد فى بعض قراراتهم النصية قائلاً: 
(( لكن بشكل أكثر تقززاً للطبيعة المحافظة في عدد من الحالات فإن هؤلاء المحررين نسبوا إلي كتبة الأناجيل أنفسهم خطأ البيانات التي إعتبرها أسلافهم حماقات نساخ ))
 G. Salmon, Some Thoughts on the Textual Criticism of the New Testament p26



أخيراً:
السباب أسهل الحلول وبشكل قد يبدو واضحاً لأى قارئ، فاى رد هذا الذى يحتوى الحجة والدليل وفى طياته كل هذه التعبيرات:
جهل / جاهل / تخلف / شئ تافه / اسلوبك الفاشل / رغى ولت وعجن / متخلف / تخاريف زبالات / مصاب بالهيجان / الكورة والبطيخة / حالمة دى لا مؤاخذة تبقى خالتك / ذهبنا ودرسنا من ارباب العلم انفسهم / فى كلمة مش كويسة محشورة فى بقة عايز اقولها بس همسك نفسى

قوة الحجج والبراهين لا يُتوصل إليها إلا عن طريق المحاجة العقلية، القائمة على الدليل والبرهان والاستدلال وهذا الذي يميز الحق من الباطل، ويبين الخبيث من الطيب، أما السب والشتم فليس طريقًا لإقامة الحجة على المخالفين، فضلاً عن أن السباب والشتم يجيده كل أحد، العالم قبل الجاهل، أما الاستدلال وإقامة البرهان فلا يقدر عليه إلا من رزقه الله عقلاً راجحًا، وحجة بالغة. 

والحجة هى فى الخاتمة التى لا تزال تلقى بظلالها وبشكل حاسم:
(( من المستحيل على اى باحث ان يقدم تأكيداً لأى مسيحي من ان الدراسات النصية لن تؤثر على معتقداته حتى ولو للأفضل ))
The Theological Relevance of Textual Variations JBL 85 (1966) p5

هناك تعليق واحد:

احمد رغ يقول...

ملحوظة صغيرة استاذ ايمن فقائل اخر تعليق والذي يقول ( من المستحيل على اى باحث ان يقدم تأكيداً لأى مسيحي من ان الدراسات النصية لن تؤثر على معتقداته حتى ولو للأفضل) لم يقولة كينيث كلارك صاحب كتاب The Theological Relevance of Textual Variations ولكن قائلها هو العالم F. G. Kenyon في كتابة Handbook to the Textual Criticism of the New Testament صفحة 7 مع ان كينيث ذكرها في كتابة لكن المقولة ليست لة بل لكينون .. وشكرا لك .. انتهي