بولس الفغالي
من أجل عدم فرض قراءتنا الشخصية على النص !!
لا خلاف إن ما يزيد عن 85% من أتباع المسيحية لا يعرفون قراءة كتابهم بلغته الأصلية التي دون بها، فسواء كتب الإنجيلي (متي) إنجيلة بالعبرانية او باليونانية او الإنجيلي (مرقس) باللاتينية او اليونانية فإن المسيحي العامي لا يجيد تلك اللغات وبالتالي فإنه بحاجة الى واسطة ليتمكن من معرفة وقراءة كلمة الرب (بزعمه). ولأن الترجمات كثيرة ومتشابكة فإن القارئ العادي والباحث والمحاور والكاهن كان على حد تعبير الاب (بولس الفغالي) بحاجة ضرورية إلى :
(( ترجمة صحيحة، دقيقة، لنص كتابها المقدس، تكون قريبة من النص الأساسي. ))[1]
ومن هنا جاءت فكرة (ترجمة بين السطور يوناني - عربي) والتي قام بإعدادها نخبة من الآباء وهم:
- يوسف الفغالي وأنطوان عوكر ونعمة الله الخوري ويوسف فخري
(ترجمة بين السطور يوناني - عربي) هي ترجمة تم فيها الإعتماد على نص اللجنة اليوناني (= نص نستل-آلاند 27) وتحت كل كلمة يونانية الترجمة العربية الحرفية لها وبالمقابل في الهامش نجد الترجمة العربية المشتركة.
فهل تقيدت لجنة (ترجمة بين السطور يوناني - عربي) فعلاً بالترجمة الحرفية لنص اللجنة اليوناني ؟!
الإجابة ببساطة - لا - لقد عبثت اللجنة ببعض المواضع العربية والتي يعاني فيها النص اليوناني من مشاكل عقائدية واضحة.
فعلي سبيل المثال:
قام الخوري (يوسف فخري) القائم على ترجمة إنجيلي (متي) و (مرقس) ببعض التحريفات بمعني النص اليوناني المطبوع الذي يترجمه، لتكون النتيجة ان الكلمة العربية الموضوعة تحت الكلمة اليونانية المطبوعة تأخذ فكر القارئ البسيط لمعني مختلف تماماً وغير حقيقى لكلمة يونانية اخري غير مستخدمة اصلاً، عكس المعني الصحيح الذى تقدمه الكلمة اليونانية الأصلية المطبوعة !!
المثال الأول:
إنجيل (متي) الإصحاح الأول - العدد 7-8
فبدلاً من وضعه كلمة (آساف) وهي الترجمة الصحيحة المرادفقة لكلمة (Ἀσάφ)، فإن الخوري (يوسف) قام بإستخدام كلمة (آسا) وهي المرادفة لكلمة (Ἀσά) الغير موجودة بالنص اليوناني المطبوع اصلاً !!
السبب فى ذلك يرجع لأن النص اليوناني والذي يتضمن كلمة (آساف) يُعد من قبل علماء المسيحية خطأ من قبل الإنجيلي (متي) نفسه والذي إستخدم وفقاً لشهادة العالم النقدي (بروس متزجر) مصدر خاطئ !! :
((الإنجيلي ربما اتخذ شجرة الأنساب من مادة مُشتقة، ليس من العهد القديم مباشرة، لكن من قوائم أنساب لاحقة والتي وقع فيها خطأ التهجي، اللجنة لم تري سبباً لإختيار ما يبدو أنه عملية تصحيح من الناسخ لنص "متي"))[2]
المثال الثاني:
إنجيل (متي) الإصحاح الأول - العدد 10
وعلي غرار المثال السابق فإن الخوري (يوسف) قام بوضع الكلمة العربية (آمون) بدلاً من الكلمة العربية الصحيحية (آموس) والمرادفقة للنص اليوناني المستخدم (Ἀμώς)، والسبب فى ذلك تفادياً للخطأ الجينيالوجي الذى وقع فيه الإنجيلي (متي)، حيث يقال العالمين W. D. Davies و Dale C. Allison ما نصه:
(( قراءة "آموس" ربما تعتبر فسادا بمصدر " متي " او تقليد نصي سابق لزمنه او ربما ببساطة يمكن ان يكون " متي " قد إرتكب خطأ ))[3]
تحريفات الخوري (يوسف) بهذين الموضعين راجع لما عبر عنه العالم (جيمس بورلاند) من أنه برهان لعدم إهتمام علماء اللجنة اليونانية بعقيدة العصمة وإستغلالهم للفرص لإثبات ان إنجيل (متي) به أخطاء جينيالوجية في نسب يسوع المسيح !![4]
المثال الثالث:
إنجيل (مرقس) الإصحاح السادس - العدد 22
فى هذا المثال فإن الخوري (يوسف) لم يستخدم القراءة الأخري المغايرة للنص المطبوع وإنما قام بفبركة ترجمة خيالية للكلمة اليونانية المطبوعة !!
فبدلاً من الترجمة العربية الصحيحة (هو) لكلمة النص اليوناني المطبوع (αὐτοῦ) فإن الخوري إستخدم الكلمة العربية (هناك) والتي تعني باليونانية (εκεί) !!
هذا الفعل من قبل الخوري (يوسف) سببه الرئيسي هو معالجة الخطأ الفادح الذى وقع فيه الإنجيلي (مرقس) فى نسبه الفتاة الراقصة للملك (هيرودس)، حيث انه وفقاً للترجمة الصحيحة للنص اليوناني المستخدم فى ترجمة (بين السطور) فإن إنجيل (مرقس) يجب ان يقرأ: (( دخلت ابنته هيروديا ورقصت )) ، الأمر الذي يتعارض مع العدد 24 القائل ان أمها هي (هيروديا)، وبالتالي فإن (مرقس) يقول ان الأبنه إسمها (هيروديا) مثل امها وفي نفس الوقت هي إبنه (هيرودس) الملك !!
وهو الأمر الساقط تاريخياً لأن شهادة المؤرخ اليهودي الشهير (يوسيفوس) تخبرنا ان والد ابنه (هيروديا) هو (هيرودس فيلبس) اخو (هيرودس) الملك وان الفتاة إسمها (سالومه) وليس (هيروديا) .. الأمر الذي يعني ان (مرقس) به خطأ تاريخي !![5]
الخلاصة:
تلك الأمثلة على تحريفات الخوري (يوسف فخري) للنص العربي المترجم عن النص اليوناني المطبوع لها أسبابها الواضحة والمميزة.
ما يعني ان الحديث عن انه ترجمة (بين السطور) هي ترجمة دقيقة او صحيحة هو في الحقيقة مجرد خداع وتدليس لأن لجنة التحرير لتلك الترجمة قد قامت فعلاً بالتحريف وإدخال قراءاتهم (الشخصية) فى الترجمة عكس ما زعم (بولس فغالي) !!
[1] العهد الجديد - ترجمة بين السطور (يوناني - عربي)، 2003، المقدمة
[2] Bruce M. Metzger, A Textual Commentary on the Greek New Testament, p1
[3] W. D. Davies & Dale C. Allison, Matthew 1-7, p177
[4]Theodore P. Letis, The Majority Text: Essays and Reviews, p50
[5] تاريخ اليهود، إعداد الراهب القمص أنطونيوس الأنطواني، ط1 2006، ص201
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق