(3)
فادي اليكساندر
مستحيل ان تكون القراءة الأصلية
لا نزال مع نقد بعض النقاط الحيوية والهامة بمقال الزميل فادي والمُسمي:
(التحريف والعصمة في ضوء النقد النصي – الجزء الثاني)
تشير قاعدة الدكتور (الاند) السابعة إلى ان قضية تواجد النص الأصلي فى مخطوط واحد هو امر ممكن نظرياً، وأن اى نوع من انواع الإنتقائية (وسطية او جذرية) تقبل مثل تلك الفكرة كتطبيق عملي فى قراراتها النصية ستجد صعوبة فى تقديم النص الأصلي بنجاح.
الزميل (فادي) فى تقديمه وشرحه لتلك النظرية شدد على نقطة هامة وهي انه (مستحيل) عملياً ان تكون القراءة الموجودة فى مخطوط واحد او مخطوطتين هي القراءة الأصلية، فيقول ص67:
الرد علي هذا (المستحيل) وتوضيح واقعيته عند دكتور (آلاند) نفسه، يقع في محورين:
المحور الأول: القراءات الغير موجودة فى التقليد المخطوطي اليوناني اليوم والتي يعبر عنها العلماء بمسمي (التخمين الحدسي) وهي تندرج تحت نوعين:
1- النوع الأول وهي القراءات المفقودة كلياً من المخطوطات (اليونانية) بإعتبارها الفيصل الأول فى الحكم على القراءات، من أشهر تلك الأمثلة هو مثال نص أعمال الرسل 12/16 والذى إعتمد فيه نص نستل-ألاند على ثلاثة مخطوطات للفولجاتا فقط.
يعتبر هذا النوع من أنواع (التخمين الحدسي) من باب (إحتمالية) ان تكون تلك الترجمات القليلة الداعمة لتلك القراءات هي أيضاً في الواقع قد قامت بعملية تخمين للقراءة الأصلية.[1]
المثال الثاني هو مثال أخر أدمج مؤخراً بالإصدار 28 من نسخة نستل-ألاند ألا
وهو مثال نص رسالة بطرس الثانية 10/3 والذي إختار فيه العلماء الأعتماد على
القراءة الموجودة حالياً بمخطوطات الترجمة الصعيدية.[2]
يدرج تحت هذا النوع أيضاً ما يعرف عند العالمين (ويستكوت) و (هورت) بما يُسمي: (( الأحطاء الرئيسية ))[3]، وهي مجموعة من الحالات النصية (مايقرب من 60 حالة) يعتقدان فيها ان التحريف قد تم فى الفترة الزمنية قبل ظهور كل المخطوطات الموجودة حالياً.[4]
2- النوع الثاني وهي القراءات الموجودة فعلياً فى المخطوطات اليونانية لكن العلماء يعدونها قراءات (فاسدة) او أن الإختلافات بين تلك المخطوطات اليونانية دليل على ان القراءة الأصلية ضاعت.
من أشهر تلك الأمثلة مثال (صمت النساء) بالرسالة الأولي لكرونثوس 14/ 34-35 والذى تنقل لنا العالمة (كيم هينز-أيتن) عن أنه:
(( تقريبا كل العلماء الأن يعتبرون تلك الأعداد إضافة لاحقة فى رسالة بولس ))[5]
(( تقريبا كل العلماء الأن يعتبرون تلك الأعداد إضافة لاحقة فى رسالة بولس ))[5]
المثال الثاني هو مثال خاتمة مرقس 16/ 8-20، حيث يتسائل العالم (بروس متزجر) قائلاً:
(( كيف ختم مرقس إنجيله؟ للأسف لا نعرف، أقصي ما يمكننا قوله هو: انها النهايات الأربع المختلفة فى المخطوطات الحالية لكن من المحتمل انه ولا واحدة منها تقدم ما قصده مرقس بالحقيقة )).[6]
إذا: فإن المحور الأول يتطرق لقضية ما قبل المخطوط (الواحد) او (الإثنين)، وبشكل أدق يتطرق لقضية ان القراءة الأصلية قد تكون قد ضاعت وليست موجودة حتي فى مخطوط يوناني واحد. العالم البريطاني (ديفيد باركر) يجمل لنا ذلك المحور قائلاً:
(( التخمين الحدسي مثل السلاح، حتي لو لم تكن بحاجة إليه فإنه لا يمكن التنازل عنه. إمكانية ان هناك مواضع لا يوجد اي مخطوط يقدم فيها النص الأصلي يجب ان تستمر بشكل مطلق. وقوع الأخطاء مبكراً وأثرها على كل نسخ المخطوطات المتاحة يجب ان يؤخد بشكل إحتمالي أكثر منه إمكاني. لذا فإننا لا ننكر الحاجة الى التخمين الحدسي )).[7]
المحور الثاني: وهو اثبات واقعياً من خلال سرد لبعض الحالات النصية ان نص نستل-ألاند قد يقوم فعلاً علي دعم من قبل مخطوط واحد او مخطوطين او لنتجاوز قليلاً ونقول مخطوطات لا تزيد عن عدد أصابع الكف الواحد !!
الشكل الأول: المخطوط الواحد: (يوناني فقط)
مثل: قراءة ἀλλὰ بدلاً من قراءة ἀλλ' (بطرس الأولي 25/2) مدعومة من قبل المخطوط الفاتيكاني فقط !!
مثل: القراءة καὶ ἀπ᾽ οὐρανοῦ σημεῖα μεγάλα
ἔσται (لوقا 11/21) مدعومة من قبل المخطوط الفاتيكاني فقط !!
الشكل الثاني: المخطوط الواحد: (يوناني واحد مع دعم من بعض الترجمات)
مثل: حذف قراءة Ιησους (متي 23/4) بدعم من قبل المخطوط الفاتيكاني فقط !!
مثل: قراءة ὄχλον (متي 18/8) مدعومة من قبل المخطوط الفاتيكاني فقط !!
الشكل الثالث: مخطوطتين: (يوناني فقط)
مثل: قراءة προσῆλθαν (متي 1/5) مدعومة من قبل المخطوط السينائي و المخطوط الفاتيكاني فقط !!
الشكل الرابع: ثلاثة مخطوطات: (يونانية فقط)
-------------------------------------------
[1] The Text Of The Epistles, Zuntz, p15
مثل: حذف قراءة μου (لوقا 21/18) بدعم من قبل المخطوط الفانيكاني والمخطوط بيزا والمخطوط (1) فقط !!
مثل: حذف قراءة αυτοις (يوحنا 7/10) بدعم من قبل البردية (6) والبردية (75) والمخطوط الفانيكاني فقط !!
مثل: قراءة ἐγερθῇ بدلاً من قراءة ἀναστῇ (متي 9/17) بدعم من قبل المخطوط الفاتيكاني والمخطوط بيزا والمخطوط (1604) فقط !!
الخلاصة: بالتأكيد ليس هذا حصر لكل الحالات النصية بالعهد الجديد بل هي أمثلة عشوائية الغرض منها فقط إثبات وقوع عملياً ما هو (مستحيل) فى نظر الزميل (فادي) فى تعليقاته على قاعدة العالم (آلاند).
فعلياً فإن فكرة الدعم الضئيل بالنسخ النقدية هو أمر عادي عند علماء الإنتقائية، فليس هناك فارق حقيقي فى دعم قراءة ما من خلال مخطوط واحد او اثنين او حتي عشرة، فجملة تلك المخطوطات الداعمة لن تتجاوز بأي حال من الأحوال 1% من جملة المخطوطات اليونانية او لنقل ببساطة 0% من جملة مخطوطات العهد الجديد ككل !!
يمكننا إذاً ان نختم بما قاله العالم (دانيال والاس) فى معرض تعليقة على القاعدة السابعة لدكتور (آلاند).[8]
يبدو ان الإمكانية النظرية أصبحت واقعية فى حالات قليلة (ولو كانت حالات قليلة جداً) بنص نستل-آلاند
[1] The Text Of The Epistles, Zuntz, p15
[2]
في تعليقاته على الإصدار الرابع للجنة (الذي يعتبر هو نفسه إصدار
نستل-آلاند 27) يقول العالم (متزجر) انه لاتوجد أي قراءة من القراءات
المختلفة تبدو أنها القراءة الأصلية وأن الإعتماد -وقتها- كان على قاعدة
القراءة المفسرة للقراءات الأخري.
يراجع بخصوص القراءة السابقة (NA27) - كتاب Textual Commentary, Bruce M. Metzger, p636
أما بخصوص القراءة الجديدة (NA28) - فيراجع مقال العالم (جيرد مينك) :
Problems of a Highly Contaminated
Tradition, p27
[3] New Testament, Westcott and Hort, p279
[4] حول تلك الحالات النصية يراجع: The Text of The NT 4th, Metzger and Ehrman, p229 n54
[5] The Gendered Palimpsest: Women...., Kim Haines-Eitzen, p92
[6] The Text of The NT 4th, Metzger and Ehrman, p322
[7] The Living text Of the Gospels, D. C. Parker, p115
[8] Grace Theological Journal, 09:2 (Fall 1988), Daniel B. Wallace, p283
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق