(2)
فادي اليكساندر
كلا ، هذا ليس النص الأصلي
لا نزال مع نقد بعض النقاط الحيوية والهامة بمقال الزميل فادي والمُسمي:
(التحريف والعصمة في ضوء النقد النصي – الجزء الثاني)
حيث يقول الزميل ص67 مانصه:
ففي معرض سرده لقواعد النقد النصي الإثني عشر لدي العالم (كورت آلاند)[1] والتي عنونها الزميل بقوله:
(( نتاج العقل )) قام الزميل ((فادي)) بشرح القاعدة النصية التاسعه عند العالم (كورت) موضحاً ان المقصود بتلك القاعدة هو ان القراءات يجب ان تعامل وفقاً للأسباب الأخطاء النسخية المعروفة ولا يصح ان نخترع - على حد وصفه - أسباباً لتأصيل نص معين معتبراً ان هذا الفعل - يقصد هنا الإختراع - يجعل القول بأن ما نملكه هو النص الأصلي غير صحيح.
أقول ان ما تفضل الزميل (فادي) بشرحة هو عبارة عن (تهريج) لا علاقة له بالنقد النصي على الإطلاق !!!
لكي نفهم تلك القاعدة لنعود إذا الى النص الأنجليزي بمقدمة العالم (آلاند) حيث يقول النص:
(( Variants must never be treated in isolation, but always considered in the context of the tradition. Otherwise there is too great a danger of reconstructing a "test tube text" which never existed at any time or place. ))
ولشرح هذه القاعدة الهامة فإنه يجب علينا ان نفهم مصطلح مهم فى علم النقد النصي الا وهو مصطلح (variants unit) او ما يمكن ان نسميه بالعربية (وحدة القراءات) ويقصد بها فى النقد النصي كمية او شريحة معينة من النص تتضمن قراءتين أو أكثر (Variant readings) كل قراءة لها دعم مخطوطي مختلف[2]
استحضارنا هنا لهذا المصطلح (variants unit) الغرض منه فهم فكرة مناقشة القراءات (Variants) فى ضوء مضمون التقليد النصي ككل وليس فى ضوء كل (Unit) على حده.
اي ان الشرح الصحيح لتلك القاعدة بعيداً عن (عك) الزميل هو:
القراءات النصية يجب ان لا تعامل بشكل منفرد فى الوحدات النصية بل يجب ان تتضمن فى ضوء التقليد المخطوطي لباقى الوحدات النصية وإلا فإن مناقشة القراءات فى شكل منعزل عن الوحدات النصية الأخري سينتج (أنبوبة أختبار نصية) اي ان الناتج (ككتلة نصية) سيكون نصاً ليس له حقيقة واقعية ولم يتوافر فى اي زمان ولا مكان بأي مخطوط.
لتمثيل ذلك وتبسيطاً على القارئ فإنه بإمكاننا ضرب مثال بسيط :
يقول مرقس 3/31 وفقاً للنص اليوناني لنسخة نستل الاند الإصدار 27:
Καὶ ἔρχεται ἡ μήτηρ αὐτοῦ καὶ οἱ ἀδελφοὶ αὐτοῦ καὶ ἔξω στήκοντες ἀπέστειλαν πρὸς αὐτὸν καλοῦντες αὐτόν.
خلال هذا العدد فإن هناك أكثر من وحدة نصية: -نذكر 2 فقط منها-
1-الوحدة الأولي: قراءة καὶ ἔρχεται وهي قراءة النص حيث إعتمد (كورت آلاند) بنصه على شهادة المخطوطات التالية:
א D W Θ f 1 565. 892 pc it vgmss
2-الوحدة الثانية: قراءة στήκοντες والتى إعتمد فيها (كورت آلاند) بنصه على شهادة المخطوطات التالية:
B C* Δ 28
الشاهد هنا من هذا المثال هو ان النص ككتلة واحدة (العدد بشكل كامل) لا يوجد بشكله الإجمالي فى أي مخطوط نظراً لأن المخطوطات التى دعمت قراءة النص بالوحدة الأولي ليس هي ذاتها او حتي بعضها ممن دعم قراءة النص بالوحدة الثانية.
وبالتالي فإن نص (مرقس 3-31) يعتبر نصاً (أنبوبة إختبار) لم يتواجد بهذا الشكل النصي فى اي زمان ولا مكان.
عملياً فإن تلك المعضلة ترتبط بشكل كبير بما يعرف بنتاج الإنتقائية (Eclecticism Results) - حيث ان علماء النص النصي يقومون بمناقشة القراءات النصية وفقاً لمبدأ Variant-unit by Variant-unit دون ان يكون هناك رابط واضح بين قرار الناقد النصي بالوحدة الأولي وقراره بالوحدة الثانية.
العالم (فيلب كمفورت) يعرف لنا تلك المعضلة قائلاً:
(( فى الحقيقة لا أحد فى العصور القديمة قرأ النص اليوناني المنتج من قبل اللجنة بشكله الإجمالي - ولا اي نسخة نقدية اخري للعهد الجديد - هذا بسبب أن النسخ النقدية الحديثة عبارة عن تجميعات مستخلصة من عدة مخطوطات على أساس وحدة نصية بوحدة نصية ))[3]، مشدداً بموضع أخر قائلاً:
(( بإختصار فإن النص اليوناني للجنة المُعتمد على الإنتقائية لا يعيد بناء نصاً قرأ بشكل حقيقى عند اي مسيحي قديم، حتي على الرغم من كونه يحتمل ان يكون اقرب إعادة للكتابات الأصلية ))[4]
العالم (إلدون إيب) كذلك يشير إلى تلك المعضلة قائلاً:
(( ولكن فوق ذلك كله الناتج سوف يكون بالتأكيد ذلك النص الذى بشكل مجمل وفى قطاعات كبيرة منه لم يتواجد ابداً فى اي مخطوط حقيقى ))[5]
العالم (فيليب تونر) يشرح لنا كذلك نتاج النقد النصي وفقاً لمبدأ وحدة نصية بوحدة نصية قائلاً:
(( نص نستل آلاند 27 والذى يقدم لنا إتفاق الأغلبية القائم على تطبيق قواعد الإنتقائية لا يعكس الشكل النصي الذى كان معروفاً بأي وقت مضى في إستخدامات الكنيسة ))[6]
كذلك فعلي الرغم من ان العالم (روبين سوانسون) إستخدم عدد محدود من المخطوطات اليونانية بإنجيل (متي) إلا ان نتاج فحص تلك المخطوطات مقارنة بنص (اللجنة) ونص (ويستكوت وهورت) كان:
(( لقد صار واضحاً من خلال فحص السطور المتوازية فإن الظاهرة الواضحة ان هناك سطوراً نصية بنسخة اللجنة -الإصدار الرابع- ونسخة ويستكوت وهورت لا تمتلك اي دعم مخطوطي من المخطوطات المستخدمة فى هذا العمل ))[7]
على خلاف ذلك فإن العالم (موريس روبينسون)[8] كتب مقالاً كبيراً وضخماً من حيث التفاصيل عن تلك النظرية (الأنبوبة النصية)، كانت نتيجتة ان نص العالم (كورت آلاند) -الإصدار 27- خالف القاعدة التاسعة التي وضعها (آلاند) بنفسه فيما لا يقل عن 100 عدد !! واصفاً تلك الأعداد بإسم (اعداد صفرية الدعم - Zero Support Verses).
بإختصار ما يجب ان نفهمه جيداً من تلك القاعدة هو ان نتاج عملية الإنتقائية النصية لا تنتج نصاً واقعياً وإنما ينتج نصاً نظرياً يراه العلماء أقرب ما يكون للأصل المفقود حتي ولو كان هذا الشكل النصي غير موجود بأي مخطوط حقيقي.[9]
وسواء أكان هذا الأمر مقلقاً او فيه من الخطورة الشديدة كما أشار إليه (آلاند) نفسه او فيه (تخمين) نقدي كما يري (روبينسون) او حتي هو (امر فرعي مُضلل عن القضية الأهم) كما يري العالم (مايكل هولمز)[10] فإنه يجب علينا ان نتسائل من أين اتي الزميل (فادي) بهذا التفسير لقاعدة (آلاند) التاسعة، هل إخترعه ؟!
كلا هذا ليس النقد النصي !!
-------------------------------------------
[1] The Text Of The New Testament, 2nd Edition, Tran: E. Rhodes, P. 281-282
[2] Epp: Studies in the Theory and Method of New Testaments, p60-61
[3] Philip Comfort: Encountering the manuscripts, p101
[4] Ibid, p309
[5] Eldon J. Epp: It’s All about Variants, HTR, V100 N3 (2007), p287
[6] Philip H. Towner: The Letters to Timothy and Titus, p8
[7] Reuben Swanson, New Testament Greek Manuscripts-Matthew-, p xii
[8] Maurice A. Robinson: Rule 9, Isolated Variants, and the Test-Tube
[9] Michael W. Holmes: Editing the Bible p101 & Philip H. Towne: The Letters .., p8
[10] Michael W. Holmes: Reasoned Eclecticism.., p 792
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق