25 مايو 2018

النهاية الدرامية لأقدم مخطوط للعهد الجديد



دانيال والاس

أقدم مخطوط هى قصاصة من انجيل مرقس تعود للقرن الأول


بدأت القصة عام 2011 عندما قال "دانيال والاس" فى مناظرته مع "ايرمان بارت":
(( اقدم مخطوط للعهد الجديد الأن هى قصاصة من انجيل مرقس تعود للقرن الأول. ما مدى دقة هذا التأريخ؟ حسناً مصدرى هو عالم البرديات الذى يعمل على تلك المخطوطة والذى لا يمكن ان يعترى مكانته الشك. العديد يعتبرونه افضل عالم برديات على وجه الارض.... لكنه يؤكد ان هذه المخطوطة تعود للقرن الأول))

ثم أشار الى ان النشر سوف يتم خلال عام 2013

وهنا انطلقت التصريحات المشوقة للجميع فعلى نفس المنهاج قال العالم "سكوت كارول" فى واحدة من المحاضرات المسجلة ما نصه: (( نحن الان ننظر الى نص مرقس المؤرخ بين عام 70 و110 ميلادياً ))، بينما قام العالم الشهير "جوش ماكدويل" بإضافة بُعد جديد للقصة مؤكداً وجود تلك القصاصة وانها وجدت فى قناع مومياء مع توضيح ان نشرها سيكون فى نوفمبر 2013.

نفس المعلومة أكدها العالم "كريج ايفانز" فى واحدة من العروض التقديمية موضحاً ان: (( قصاصة من انجيل مرقس تم اكتشافها من قناع جنائزى تعود لعام 80 ميلادياً وسوف يتم نشرها لاحقاً عام 2014 )). لكنه عاد وأكد ان النشر قد تم تعديله الى 2015.

وكما هو الحال فى 2013 فإن 2014 و 2015 إنقضوا بدون نشر القصاصة الأمر الذى دفع البعض للشك .. لكن 2015 حمل معلومة جديدة تفيد بأن عالم البرديات المشار اليه هو العالم "ديرك أوببينك"

ومرت 2016 و 2017 بدون اى جديد فى الموضوع.

ثم جاءت النهاية الدرامية بـ2018 عندما قام العالم "إيليا هيكسون" يوم 23 مايو بنشر بوست عبر مدونة النقد النصى تشير الى انه اكتشف ان قصاصة القرن الأول المزعومة ربما تكون هيا المنشورة بالمجلد الأخير لسلسلة Oxyrhynchus Papyri بتحرير كلا من "ديرك أوببينك" و "دانييلا كولومو" عبر مناصة "جمعية إستكشاف مصر"

الطريف فى الأمر ان المجلد وفقاً لأمازون تم نشره 30 ابريل اى ان القصاصة التى طال انتظارها 6 سنوات قد نشرت بدون ان يعمل احد وتم إكتشاف ذلك بالصدفة !!!

حسناً لعل الأمر لا يندرج تحت بند "الظرف" اذا علمنا ان الأهمال راجع لسبب مهم جداً الا وهو: ان محررى القصاصة لم يؤرخوها للقرن الأول بل المفاجأة انها تعود لنهاية القرن الثانى وبداية الثالث !!

فضلاً عن ان القصاصة الصغيرة لا تحتوى سوى على أجزاء من 6 أعداد فقط من الإصحاح الأول لمرقس ما افقدها رونق الأهمية النصية رغم إحتوائها على بعض القراءات البسيطة.

فى البداية كان "هيكسون" حائراً هل هذه القصاصة هيا فعلا القصاصة الموعودة ام ان هناك قصاصة اخرى غيرها؟ .. تلك الحيرة إنتهت سريعاً بتأكيد "سكوت كارول" و "دانيال والاس" من بعده انها هى القصاصة المنشودة !!

النقاش فى المدونة كان محتداً للغايه خصوصا مع بدء تدخل العالم "سكوت" للدفاع عن نفسه وما ذكره سابقاً من انها تعود للقرن الأول مشيراً الى معلومة غريبة تفيد بأن عالم البرديات "أوببينك" حاول بيع تلك القصاصة مرتين عام 2011 و 2013 وانه "أوببينك" كان يقول فى كلا المناسبتين انه لا جدال فى انها تعود لنهاية القرن الأول او بداية القرن الثانى وانه (سكوت) رأى البردية فى مكتب "أوببينك" فى كلا المرتين، كذلك لم يكن يعرف ان "أوببينك" قد غير تأريخ القصاصة إلا يوم 23 مايو فقط، فضلاً انه فى زيارة قصيرة مع "والاس" تطرق الى ذكر تأريخ "أوببينك" المعروف وقتها له وهو نهاية القرن الأول وبداية الثاني !!

لكن الرد جاء سريعاً فقد أصدرت "جمعية إستكشاف مصر" بياناً نافياً ان يكون "أوببينك" قد عرض القصاصة للبيع على الإطلاق بإعتبار انها المالكة للقصاصة وليس هو بل ان: (( هذا هو نفس النص الذى اراه البروفيسور "أوببينك" لبعض الزائرين بأكسفورد عام 2011-2012 والذى أفاد بعض منهم فى المحادثات وفى وسائل الإعلام عن إحتمالية تأريخها للقرن الأول الميلاد فى ضوء تأريخها القديم عندما تم فهرسة النص منذ عدة سنوات مضت ))

فجأة لم تعد القضية القصاصة بقدر من المسؤول عن تضليل الرأى العام بمعلومات مزيفة طوال الفترة الماضية ولماذا؟

لذا كان لازماً على "دانيال والاس" ان يقوم بالرد وفعلا فى نفس اليوم نشر "والاس" على مدونتة الشخصية بياناً كانت ابرز نقاطة ما يلى:

1- القصاصة المنشورة هى ذاتها القصاصة التى تحدث عنها فى مناظرة "ايرمان"
2- قام - من سماه ممثلاً عن مالك القصاصة - بدفعه للحديث عن تلك القصاصة مستغلاً المناظرة لضمان نشر الإهتمام بها.
3- إعترف بأن المعلومات التى نشرها لم تكن صحيحة وكان ساذجاً لعدم تأكده منها.
4- اعتذر لـ "بارت ايرمان" ولكل شخص لإعطائه معلومات مضللة عن هذه القصاصة.
5- خلال الفترة بين المناظرة وحتى لحظة نشرها طلب منه عدم الحديث عن اى شئ.
6- اقر بانه لم يكن قد رأى القصاصة اصلاً حين أشار الى وجودها فى المناظرة.
7- لم يسمح له برؤية القصاصة إلا بنهاية 2012 بعد توقيع معاهدة عدم إفشاء معلومات عنها.
8- اكثر ما اثاره هوا ان القصاصة لا تقرأ (يسوع) بالعدد 17.
9- علم ان - ممثل مالك القصاصة - كان على علم بأن "أوببينك" قد تراجع عن رأيه فى كونها تعود للقرن الأول قبل المناظرة بأسبوعين لكنه لم يخبره.
10- لم يعلم انها تعود للقرن الثاني او الثالث الا بعد رؤيته لبوست "هيكسون" يوم 23 مايو.
11- لم يكن بمقدوره الحديث عن ان "أوببينك" قد تراجع عن تأريخ القصاصة لأنه وقع على إتفاقية عدم الإفشاء وأعطى وعده بعدم الحديث حتى ولو كان ذلك على حساب سمعته !!

القصة فى طريقها للنهاية الغير متوقعة إذاً ..تاركة أجوبة بعض الأسئلة المفتوحة للزمن:

1- من هو الممثل الذى خدع "والاس" ولماذا لم يذكر اسمه؟
2- متى عرف "والاس" ان "أوببينك" قد غير رأيه فى تأريخ القصاصة؟
3- على النقيض من "والاس" فإن شهادة "سكوت" تقول انه فى 2011 كان "أوببينك" يؤكد من البداية أنها تعود لنهاية القرن الأول او بداية الثانية بينما "والاس" يقول ان الممثل لم يعرف ذلك إلا قبل المناظرة بأسبوعين !!!
4- من كان "والاس" يعتقد انه مالك القصاصة عندما وقع وثيقة عدم النشر ؟
5- لماذا لم يعتبر "والاس" ان حجب معلومات عنه او إعطاءه معلومات مضللة سبب كافى لفسخ هذا التعاقد .. بمعنى اخر لماذا تأخر هذا الإعتذار لتصحيح معلومة زائفة ظلت تروج على لسانه لمده 6 سنوات كاملة رغم تيقنه بأن هذا تضليل للقارئ ؟!
6- "كريج ايفانز" كان ممن شاركوا فى الدعاية لتلك القصاصة فلماذا لم يتحدث حتى الأن؟
7- لماذا تأخر نشر هذه القصاصة مدة 6 سنوات كاملة ؟

ظهرت القصاصة نعم .. ولكنها فتحت الأبواب على مصرعيها للشك فى الأمانة الأكاديمية لكلا من:
1- "دانيال والاس" بأعتباره اول ما نادى بشكل مخادع لتلك القصاصة واخفى معلومات صحيحة عن الجميع وزعم انه تم (دفعه) بسذاجة رغم علمة بضرورة وجود مساحة زمنية فى تأريخ اى مخطوط وأيضاً استخدامه لمعلومات غير مؤكدة بأسلوب دفاعى.
2- "ديرك أوببينك" والذى تدور حوله علامات استفهام كثيرة من ناحية الأمانة الشخصية والدقة التأريخية متسائلين هل تتم عمليات تأريخ المخطوطات عند افضل (عالم برديات على وجه الأرض) على خلفية دوافع مادية او إعلانية ؟!!
3- وأخيراً "سكوت كارول" والذى تعد شهادته طعنة قاتلة فى أمانة "أوببينك".


البردية 137 = P.Oxy. LXXXIII 5345
(مرقس 1/ 7-9 و 16-18)
( نهاية القرن الثانى وبداية القرن الثالث )

ليست هناك تعليقات: