فيلم ثورة الكتاب المقدس
في الوقت الذي نسمع فيه عن اتهام العرب بحرق مكتبة الإسكندرية !التاريخ الدموي في العصور المسيحية
لكل من حاول نشر الكتاب المقدس او ترجمته !
وفى الوقت الذي نسمع فيه عن حرق كتب ابن رشد في الأندلس !
لا يكاد احد يخبرنا عما حدث لكل ما حدث في العصور المسيحية في القرون الوسطي !
هل احد سمع منكم من قبل عن حرق عظام جون ويكلف وهو ميت فقط لأنه ترجم الكتاب المقدس؟!
هل احد سمع منكم عن حرق ويليام تندال صاحب الترجمة الشهيرة؟!
هل احد سمع منكم عن قتل جون هس بادخاله فى مدخنة فوق سطح احد البيوت !
لا نكاد نسمع هذه الوقائع ولا الكثير مثلها
هذا الفيلم يعطي لمحة عما حدث لأناس كل تهمتهم الوحيدة انهم فقط حاولوا نشر كتاب مقدس يعتقدون هم ومن حرقهم انه كلمة الله الحية!
ظهر الفيلم على القناة الرابعة في 4 أبريل 2007
هذه الوثائقية من القناة الرابعة؛ يقدمها لنا رود ليدل ، يستكشف فيها جزءً مهما من الحياة المسيحية الحديثة ، وبعضا من المتحرّرين
الذين قاتلوا كيان الكنيسة المتعصب العنيف ؛ لنشر الكتاب المقدس باللغة الإنكليزية!
يبحث في ما قدّموه وغيّروا به واقعهم ، والمثابرة والتضحية التي تركت أثرا مميزا - ليس فقط على مستوى الدين النصراني - بل كذلك على مستوى اللغة والأدب في القرون التي تلت ذلك.
'أحارس انا لأخي؟ (تك:9:4) 'في البدء كانت الكلمة. (يو:1:1) 'طوبى للودعاء. لأنهم يرثون الأرض.'(مت:5:5) 'هم ناموس لأنفسهم (رو:14:2).. وضعت جماليات وإيقاعات ومطالع العبارات الأولى من الكتاب المقدس الإنكليزي ؛ الأسس للغة الإنكليزية الحديثة ، مخطابة ًوكتابة ً في القرون الخمسة الأولى التي تلت النشر.
- الصراع من أجل ترجمة الكتاب المقدس إلى لغة يمكن للجميع أن يفهمها ؛ كان جزءً من التحدي ضد الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى ، والتي استغلت الطقوس الدينية اللاتينية وجعلت استثمارها الضخم تحت سلطة البابا.
هؤلاء الذين أرادوا إصلاح الكنيسة باعتقاد أن كل فرد يمكنه أن يتصل مباشرة بالله ، من دون وساطة من الكهنة.. ولأجل أن يحصل ذلك فإن كل فرد لابد أن يحصل على الكتاب المقدس ويتمكن من قراءته.
اتصال مباشر بالله
"لابد أن يتمكن الناس من قراءة الإنجيل بأنفسهم لأنفسهم ، وأن يتصلوا مباشرة بالله." (ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الإنكليزية لويكلف ومساعديه)
قام جون ويكلف في 1370 م - وهو باحث في جامعة أكسفورد - بالطعن في تسلط ومركزية القداس الكاثوليكي ، وقال أن الكتاب المقدس هو المصدر الوحيد للسلطة المسيحية ، وليس البابا.. ؛ فأعلنت الكنيسة أنه مهرطق ، ودعت أتباعه باللولارديون Lollards (أو المنبوذون). ولكنها لم تستطع أن تقمع رسالته..
ولا يقتصر أمر الترجمة على فتح الباب أمام عامة الناس لقراءة الكتاب المقدس ، بل إنها ساعدت كذلك في إنقاذ وتحديد اللغة الإنجليزية التي تأخرت مرتبتها بعد الفرنسية واللاتينية منذ فتح نورماندي.
تم حظر ترجمة ويكلف للكتاب المقدس ، ومجرد حيازة نسخة منه تُعتبر دليلا على الهرطقة ؛ يُعاقب صاحبها بالحرق حتى الموت.
هذا ؛ وقد امتد انتقام الكنيسة من هرطقة ويكلف إلى ما بعد وفاته ؛ فاستخرجت جثته وأحرقتها .. ومع ذلك ؛ فقد واصل اللولارديون نشر تلك الترجمة ، وأخذت تنتقل من يد إلى يد ، حتى كُتب لها البقاء.
التغيير عبر أوروبا
في عهد هنري الثامن والإحباط الذي حل بالكنيسة ؛ كانت بدايات تصاعد الفكر المتحرر والمنح الدراسية.. والأهم من ذلك اختراع الطباعة.. كما أن تحديا تزايد في مواجهة الكنيسة الكاثوليكية في أنحاء أوروبا ؛ من الذين اعتقدوا أن ثروة وسلطة للكنيسة هي تجسيد لخيانة الشعب ، وأن الخلاص لا يمكن أن تتحقق عن طريق أداء الشعائر أو الأعمال الخيرية.
في ألمانيا ، كان مارتن لوثر يقود تزايد إصلاح الكنيسة ، مع توفير حماية الحاكم المحلي له.
ألهب نشاط مارتن لوثر إصرار الباحث وليام تنديل Tyndale على ترجمة العهد الجديد من اليونانية الأصلية إلى الإنجليزية المألوفة للناس العاديين. ولكن تنديل يختلف عن لوثر ؛ أنه ليس لديه قوة تحميه.. وظل في اضطهاد من الكنيسة ورجالها حتى ربيع 1524 ، إذ تمكن من الفرار من انجلترا إلى ألمانيا.. وهناك ، في آب / أغسطس 1525 ، أكمل ترجمة العهد الجديد ، ويُفترض أن يكون قد طبعها في كولونيا.
وعلى الرغم من مباغتة السلطات على الطابعة ومن فيها ، إلا أنه استطاع الهروب.. وبعد أشهر قليلة ، حصل على الكتاب المقدس كاملا مطبوعا ، وآلاف النسخ من الكتاب وجدت طريقها إلى انجلترا سرا ، على الرغم من وحشية القمع وتتبعه.
انتقل تنديل إلى أنتويرب ، التي كانت ملاذا آمنا نسبيا ، وكان مميزة بتقدم الطباعة لديها. وانتفعت الطابعات وأصحابها بأرباح تهريب النسخ الجديدة من الأناجيل إلى انجلترا ، وكانوا قد خبّأوها في الكتب ذات القطع الكبير.
وبحلول الوقت الذي تُوفي فيه تنديل ، قُدِّر أن حوالي 50،000 نسخة وصلت إلى إنكلترا.
في الداخل
أخذ الصراع داخل المسيحية منعطفا جديدا عندما أعلن هنري الثامن نفسه إلها وعيّن نفسه رئيسا للكنيسة في انجلترا. وجعل من الاصلاحيين الذين ابتدأ نفوذهم في التوسع ؛ أعداء ، ورمى تنديل بالخيانة.. وتتبعه حتى ألقى القبض عليه وسجنه في القلعة في بروكسل قبل حرقها في أكتوبر 1536.
ويأتي الكتاب المقدس المنزل
إعدام تنديل لم يوقف مهمته الرامية إلى تمكين الناطقين بالإنكليزية من الكتاب المقدس مباشرة بلغتهم الخاصة..
وبالرغم من ذلك الاضطهاد ؛ وبعد أشهر قليلة من حرقه ، أعلن اسقف كانتربري توماس كرانمر Cranmer ، بأن الشعب يمكنه الآن قراءة الكتاب المقدس (نسخة تنديل) .. كما كتب كرانمر كتاب الصلاة العامة للأنجليكانيين.
(ويكلف، تنديل وكرانمر) هذه هي مجموعة الًإصلاح الدينية الإنجليزية.. ولكن سياسيا ؛ كان أثر توماس كرومويل عنيفا أدى إلى تدمير ونهب الأديرة الكاثوليكية باسم هنري الثامن.
وانتهت تلك الحقبة الثورية المضطربة ؛ بتخصيص نسختين من الكتاب المقدس الإنجليزي : نسخة ماثيو ونسخة الكتاب المقدس العظيم..
وهما نسختان معتمدتان على أساس ترجمة تنديل.
ولم تكن النسخ مسموح بها فقط ؛ بل فُرض على كل أبرشية ان تملك نسخة قسرا.
ثورة الكتاب المقدس الإنجليزية هي تحدي للكنيسة القديمة ؛ تؤكد ان الجميع يقف أمام الله دون حاجة الى رجال الدين ؛ وهو الجانب الأساسي بروتستانتية بريطانيا.
تقلبات سياسية وعدم حسم
خلف الملك هنري الثامن ابنه إدوارد ذي التسع سنوات ، وكان بروتستانتيا ، أبوه في العماد هو كرانمر.. وقاد كرانمر باسمه حملة شعواء على تدمير الأديرة والفن الكاثوليكي وجميع الأشياء التي تتضمنها كصور وموسيقى وتماثيل.
ثم جاءت تبدلت الأحوال بعد وفاة إدوارد ومجيء ماري على عرش إنجلترا. فقد كانت كاثوليكية متعصبة.
قادت هي الأخرى حملات ضد البروتستانتية، اعتقلت خلالها توماس كرانمر، وأحرقت أكثر من ثلاثمئة منهم..
أما كرانمر فأخضعته تحت لجنة متخصصة من الكاثوليك التقليديين، لإعادة تعليمه أو بمعنى آخر تحت عملية غسيل مخ أو بمعنى ثالث تحت عملية تشويه ذهني.. ؛ لإقناعه بالارتداد والتوبة والرجوع عن أفكاره !.
وأظهر توافقا لهم ؛ لكن إخلاصه لعقيدته حطم ضعفه في اللحظة الأخيرة أمام الناس وتبرأ من رجوعه وأعلن تمسكه بمعتقده..
فكان أن تم حرقه في 1556..
في 1558 ، جاءت اليزابيث على عرش بريطانيا. وهناك حدث تطورا سياسيا خطيرا..
فقد ترأست حملة في تطوير نوع جديد من البروتستانتية التي تتضمن بعض الحلول الوسطى مع التقاليد الكاثوليكية، وإنقاذ ما تبقى من الكاتدرائيات وفنونها التصويرية وغيرها.
وبالطبع ؛ بعض البروتستانت لم يقبلوا بهذه التنازلات. وتميّزوا باسم التطهيريون.. ودار الصراع مريرا بين التطهيريين والكاثوليك التقليديين والأنجليكان..
وفي محاولة لمواصلة دعمها ؛ قام الملك جيمس الأول بعمل مؤتمر عظيم دعا فيه التطهيريين والكاثوليك ؛ وانتهى بالاتفاق على ترجمة إنجليزية جديدة يتفق عليها الجميع للكتاب المقدس.. ومرة أخرى ؛ اعتمدت تلك النسخة الجديدة إلى حد كبير على أساس ترجمة تنديل.
هذه هي نسخة الملك جيمس ، والتي حددت الإنجليزية ، وتأثر بها الكتاب لمدة أربعة قرون تالية لها..
عبر المحيط الأطلسي
هذا لم يوقف تفاقم الانقسامات والأحقاد النامية ؛ الرامية إلى حرب أهلية بين الملكيين والبرلمانيين، وتم الاعتماد على الكتاب المقدس أكثر من أي شيء آخر في تلك الحروب، التي كانت الأسباب الدينية فيها لها الصدارة، على الأقل في بريطانيا.
في أميركا ، على الرغم من ذلك ، استمر النقاش في أوساط البروتستانتيين الفارين من جميع أنحاء أوروبا الذين فروا من الاضطهاد ؛ في أبنائهم وأحفادهم.. والآن في الولايات المتحدة أكثر من 125،000 كنيسة بروتستانتية ناطقة بالإنكليزية، والتي كل منها لها فهمها الخاص للكتاب المقدس الواحد، وتتراوح فعاليتها بين إبطال الحقوق المدنية العلمانية، ومع الزعماء الذين يدّعون التبشيرية بحماس بأنه لا توجد وسيلة أخرى للخلاص غير الكتاب المقدس.
ربما كان أهم ما نتجت عنه الصراعات هو المفهوم الذي طرحه توماس جيفرسون : 'الله خلق العقل حرا.'.. ومن ثم كان هذا ارتكاز للفصل بين الكنيسة والدولة ، وفتح الضمانات الدستورية التي تكفل حرية التعبير، وحرية الاختيار، وحرية العقيدة وحرية التعبير.
الهدف من ترجمة الفيلم
مرت ترجمة الكتاب المقدس بعهديه بعدة مراحل ..
فالعهد القديم من العبرية إلى اليونانية ، ثم من اليونانية إلى اللاتينية
ثم من اللاتينية إلى الإنجليزية (ويكلف) ، ثم نسخة إرازماس اليونانية وترجمته اللاتينية
ثم العهد الجديد من اليونانية والعبرية إلى اللاتينية ، ثم من العبرية واللاتينية إلى إنجليزية ويكلف ، ثم تنديل ، ثم النسخ التي اعتمدت على تنديل ، ثم نسخة الملك جيمس التي اعتمدت على نسخة تنديل والنسخ المعتمدة عليه .. ثم من نسخة الملك جيمس إلى العربية ..
تعريف بالشخصيات
عالم وقس هولندي سعى إلى إصلاح الكنيسة. ففي البداية، أيد كبير القساوسة الألماني مارتن لوثر وقادة الإصلاح النصراني وهي الحركة الدينية التي ولَّدت البروتستانتية. قام هؤلاء المصلحون بالاعتراض على الفساد والتعصب الذي شهده إرازمس وجماعته في الكنيسة، إلا أنه آمن بوحدة النصرانية وعليه رفض الموافقة على تأسيس كنيسة مستقلة. لكنه فشل في محاولة لإيجاد أرضية إنسانية عادلة معتدلة في الصراع المرير الذي دار بين الكاثوليك والبروتستانت.
ولد إرازمس في روتردام في هولندا، وتمت ترقيته إلى رتبة قسيس في عام 1492م. وفي عام 1499م، قام إرازمس بزيارة إنجلترا حيث التقى هناك بمنصرين أمثال جون كوليت، وتوماس مور، وأقنع هؤلاء العلماء إرازمس بتوجيه اهتمامه إلى الدراسات التوراتية.
وفي كتيب له بعنوان مقاتل نصراني (1503م)، قدم إرازمس ما سماه فلسفة المسيح التي أكدت على التقوى والأخلاق والتزام الحقيقة. وفي كتابه الهجائي مدح الحمق، (1511م) وجه انتقادًا للملوك ورجال الكنيسة لإهمالهم تلك القيم. وصدر له كتاب العهد الجديد باليونانية عام 1516م وهذا ما جعل النص الأصلي منشورًا ومعروفًا. وهذا هو النص الذي اعتمد عليه وليام تينديل في تعاليمه لخواصّه .والجدير بالذكر ان هذا الانجيل اليونانى هو ما اعتمدت عليه النسخة البيروتية الشهيرة سميث فانديك وللاسف هذا الانجيل اليونانى هو من اكثر النصوص اليونانية تحريفا كما يقول النقاد النصيين.
وقام الإنجليزي وليام تينديل نفسه بترجمة الكتاب إلى اللغة الإنجليزية أثناء وجوده في ألمانيا وظهرت أجزاء من ترجمته للعهد القديم في سنتي 1530 و 1531م. وكان للغة تندال القوية أثر كبير في تفضيل ترجمته على سائر الترجمات الإنجليزية.
تندل، وليم (1494-1536م).
أحد قدماء قادة حركة الإصلاح الإنجليز وأكثر شهرته تعود إلى ترجمته للإنجيل من اليونانية والعبرية إلى الإنجليزية، أصبح إنجازه هذا فيما بعد، أساسًا للنسخة المعتمدة بهذا الكتاب. قام أول الأمر بترجمة العهد الجديد في محاولة لجعل الكتاب أوسع انتشارًا ولكنه لم يستطع طباعته في إنجلترا. وبعد أن غادر إنجلترا نهائيًا سنة 1524م، استطاع طباعة ترجمته تلك في ألمانيا وتمكن من تهريب نسخٍ منها إلى إنجلترا.
وُلد تندل في جلوسترشاير في إنجلترا، حيث تلقى تعليمه في جامعتي أكسفورد وكمبردج من عام 1510 حتى نحو 1521م، وتم ترسيمه قسيسًا بعد ذلك. وقد كان شديد التأثر بأفكار صديقه قائد الإصلاح الألماني مارتن لوثر. أعدمته سلطات الكنيسة الكاثوليكية في بلجيكا وذلك باعتباره مهرطقًا بروتستانتيًا.
ويكْلِف، جون (1328؟ - 1384م).
فيلسوف إنجليزي بارز في مجالي الدين والسياسة في أواخر القرون الوسطى. وقد ظلت تحدياته للممارسات الدينية والسياسية مؤثرة لمدة طويلة بعد موته.
تلقى ويكلف تعليمه في جامعة أكسفورد، وأصبح أستاذًا في كلية باليول عام 1360م. وقد عمل في بعض الأوقات قسًا في أبرشية، ولكنه كان معروفًا بشكل أكبر أستاذًا للفلسفة.
وجد ويكلف نفسه مدفوعًا ليصبح مصلحًا بسبب أحوال أوروبا في زمانه. فقد عصف أحد أنواع الطاعون، والمسمَّى الموت الأسود، وقضى على حياة ربع سكان أوروبا في أوائل القرن الرابع عشر الميلادي. وبدأت حرب المائة عام بين إنجلترا وفرنسا عام 1337م، وخلال أوائل القرن الرابع عشر الميلادي، حدثت صدامات عنيفة على السلطة بين البابوات، ورجال الدين من جهة، والملك والنبلاء من جهة أخرى. وقد بدا أن كلا الجانبين كان فاسدًا ومحكومًا بمصالحه الذاتية، ولم يُبْدِ أيٌّ منهما اهتمامًا بعامة الناس.
وقد أثارت هذه الأحوال في أوروبا كثيرًا من الأسئلة في أذهان الناس. هل البابا سيد الملوك؟ وهل تستطيع حكومة مدنية معاقبة أسقف أو قسيس؟ هل تستطيع حكومة مدنية فرض ضرائب على الكنيسة وهل يمكن للكنيسة طلب مساعدة الحكومة؟ هل يستطيع حكام الكنيسة أو الحكام المدنيون تشريع قوانين فقط لأنهم يريدون ذلك، أو هل يجب أن تكون قوانينهم عادلة؟ عني ويكلف بمثل هذه القضايا في كتبه، ومحاضراته. وتم تلخيص أفكاره السياسية المهمة في عبارة العدل أساس الحكم وكان يعني أن الحكام غير العادلين لا يستطيعون مطالبة الناس بالطاعة، لأن الطاعة مشيئة إلهية. وبعد أن طبق ويكلف هذه الفكرة على البابوات والأساقفة، حوكم عدة مرات في المحكمة الكنسية. وفي كل مرة كانت العائلة المالكة تنقذه من الإدانة.
وقد أصبح ويكلف بحلول عام 1371م تقريبًا، كاتبًا للعائلة المالكة، ومؤيدها ضد الأساقفة وتابعيهم. ومن الواضح أنه شعر كأن هناك أملاً أكبر في الإصلاح من العائلة المالكة. وقد حاول ويكلف أن يبين أن ادعاء البابوات والأساقفة للسلطة مبني على أفكار زائفة عن تفضيل القساوسة على عامة الناس.
وقد ترجم الويكلفيون الكتاب المقدس، بمساعدته، إلى اللغة الإنجليزية نحو عام 1382م. وأكملوا منه نسخة محسنة من الترجمة نحو عام 1388م بعد وفاته. وقد اضْطُهِد أتباع ويكلف في إنجلترا بقسوة، وكانوا يسمَّون لولاردز. شعرت الطبقات العليا أن أفكار ويكلف تشجِّع الفقراء على المطالبة بحياة أفضل.
أثرت كتابات ويكلف في عدد من المصلحين، بمن فيهم جون هس البوهيمي. وقد أشار الكثير من الإنجليز البروتستانتيين الأوائل لتعاليم ويكلف على أنها عودة إلى ما ظهر قبل ذلك في عهود الإصلاح.
الوِيكلفِيُّون هم أتباع المصلح الديني النصراني الإنجليزي جون ويكلف. نشأت الويكلفية حركة دينية في ثمانينيات القرن الرابع عشر الميلادي. وقد كان الويكلفيون يدعون إلى الله وينادون بالاعتماد على الإنجيل مرشدًا للحياة النصرانية القويمة، كما دعوا إلى البساطة في العبادة. فقد كانوا يرفضون مظاهر الفخامة في القداس، ومعظم الأسرار المقدسة، وسيادة البابا، كما أنكروا أن الخلاص لا يتأتى إلا بوجود كنيسة منتظمة. وقد كان معظم الويكلفيين قسِّيسين أو أناسًا فقراء من غير رجال الكهنوت الكنسي. وكانو يرتدون عباءات طويلة، مصنوعة من أقمشة خشنة خمرية اللون، ويمسكون بِعِصِيّ في أيديهم، ويعيشون على ما يستطيعون جمعه من التَّسوُّل. وقد اضطهدهم هنري الرابع، الذي صار ملكًا لإنجلترا عام 1399م، لتعارض أفكارهم مع القانون الديني. وعلى الرغم من هذا الاضطهاد، فقد جمعت الحركة حولها العديد من الأتباع من عامة الشعب. إلا أنه بعد عام 1420م، بدأت هذه الحركة تفقد ماكانت تحظى به من تأييد.
ترك الويكلفيون أثرًا طفيفًا في الحياة الدينية في إنجلترا. ولكن كان لهم تأثير عظيم في بوهيميا، حيث أُحرق جون هس عام 1415م لمناداته بتعاليم ويكلف. وبعد مائة عام، اعتنق مارتن لوثر بعض أفكار هس. وهكذا يكون الويكلفيون قد ساعدوا في التمهيد لحركة الإصلاح البروتستانتية.
هس، جُونْ (1369؟ - 1415م).
مصلح ديني نصراني. عدّت تعاليم هس نذيرًا سابقًا لتلك المتعلقة بالإصلاح البروتستانتي. لقي هس مصرعه حرقًا في مدخنة فوق سطح أحد المباني، وذلك بتهمة نشر أفكاره التي عُدّت بدعة.
وُلِدَ هس في هسِينيك، وهي مدينة صغيرة تقع في جنوب غربي بُوهِيميا، واستمد لقبه من الحروف الأولى لاسم هذه المدينة. وبعد تعيينه كاهنًا في عام 1401م، بدأ يلقي مواعظ تتسم بالتحريض والعنف في براغ، واستطاع أن يجذب إليه كثيرًا من تابعيه. وقد هاجم هس نظم الأساقفة والكرادلة، والباباوات ودعا إلى القيام بإصلاحات في نظام الكنيسة. وكان هس قد تأثر بأعمال جُونْ ويكْلِف، وهو مصلح ديني نصراني إنجليزي عاش في القرن الرابع عشر الميلادي. ولكنه على عكس ويكلف لم يهاجم القربان المقدس. وفي ذلك الوقت بدأ كثير من المتدينين يتساءلون عن مدى أحقية السلطة البابوية. بل إن هس ذهب إلى أبعد من ذلك حيث وصف البابوية بأنها مؤسسة الشيطان.
وفي عام 1409م أعاد ملك بوهيميا جامعة براغ إلى التشيك، وأصبح هس كاهنًا بالكنيسة. ولكن هذا التصرف أغضب المدرسين والطلبة الألمان في الجامعة، فقاموا بمغادرتها وأسسوا جامعة ليبزج. وقام الألمان بعد ذلك فأشاعوا أنّ هس منشق عن العقيدة الأصلية وذو سمعة سيئة. وفي عام 1414م استُدْعِي هس أمام مجمع كونستنس، وهو اجتماع ضم زعماء الكنيسة بكونستانس في ألمانيا. وقد أصدر المجلس المذكور حكمًا بإعدام هس، وتمّ إحراقه في مدخنة فوق سطح أحد المباني، على الرغم من أنّه قد وُعِدَ بأن يكون في مأمن إذا حضر اجتماع المجلس للدفاع عن نفسه.
قام أتباع هس الذين عرفوا باسم الهسيين بمواصلة حمل رسالة الإصلاح التي بدأها لسنين عديدة بعد وفاته.
لوثر، مارتن ( 1483-1546م).
زعيم حركة الإصلاح الديني الكنسي التي أدت إلى ميلاد البروتستانتية. وقد تجاوز تأثيره البروتستانتية وحتى النصرانية نفسها. قام بترجمة الكتاب المقدس إلى الألمانية، كما كان له أثر كبير في تطور اللغة الألمانية الحديثة. وقد كان لدور لوثر في تاريخ الموسيقى أيضا الأهمية نفسها، التي كانت لإسهاماته في الأدب الألماني واللغة الألمانية.
وُلد لوثر في آيشليبن في سكسونيا في العاشر من نوفمبر عام 1483م. والتحق بجامعة إيرفورت عام 1501م، وقرر أن يصبح محامياً. لكنه دخل ديرًا عام 1505م، بعد وقت قصير من مروره بتجربة دينية عاصفة. وعُين لوثر قسًّا عام 1507م، ودَرَس لمدة وجيزة في جامعة ويتنبيرج عام 1508م. وفي عام 1512م حصل على درجة الدكتوراه في اللاهوت، وعُين أستاذاً للاهوت. وفي عام 1517م، أعلن لوثر مبادئه التي هاجم بها ما يسمى صكوك الغفران، وفضح فيها مفاسد الكنيسة، وأعلن أن الإنسان يمكن أن ينال الخلاص من خلال الإيمان بالمسيح، وهو اعتقاد يناقض تعاليم الكنيسة في الفضل الإلهي، كما أعلن أن العمل الصالح هو طريق النجاة والخلاص. ونتيجة لذلك، أعلن البابا ليو العاشر طرد لوثر واعتباره مارقاً.
وحينما طلب الإمبراطور تشارل الخامس من لوثر الرجوع عن آرائه رفض ذلك، فوقَّع الإمبراطور وثيقة إدانة له تعتبره خارجاً على القانون وتبيح دمه، ولكن أمير سكسونيا بسط عليه حمايته، واستمر لوثر في الدفاع عن آرائه. وكتب العديد من الكتب في ذلك، وبلغ مكانة في تاريخ النصرانية جعلته موضع خلاف بين الناس، الذين انقسموا بين عدو ومناصر له، واتُخذت آراؤه أساساً لحركة الإصلاح الديني.
اللوثريون يشكلون أكبر كنيسة بروتستانتية في العالم. تأسست الكنيسة اللوثرية في أوائل القرن السادس عشر على التعاليم والمعتقدات التي نادى بها مارتن لوثر رائد الإصلاح الديني النصراني. وعلى الرغم من ذلك، تدّعي اتباع التعاليم النصرانية الأصيلة التي ترجع إلى عهد ما قبل الإصلاح.
ليس لدى اللوثريين أي شكل تنظيمي يُميزهم عن بقية الطوائف النصرانية الأخرى. فبعض الجماعات اللوثرية ترى ضرورة أن يكون لها أسقف، بينما يصر البعض على الولاء للكرادلة ورجال الكنيسة المحليين. وبين هذين الاتجاهين المتشددين توجد مجموعات لوثرية أخرى.
ليس للوثريين طريقة عبادة موحدة. فبعض ترانيم رجال الدين اللوثريين تقليدية تشبه الترانيم الكاثوليكية. أما البعض الآخر، فيقترب من طريقة العبادة التطهرية البسيطة التي تدعو إلى تبسيط طقوس العبادة والتمسك الشديد بالفضيلة.
التعاليم. تعاليم ومبادئ لوثر هي التي تفصل بين اللوثريين، وبقية الكنائس النصرانية الأخرى. وأشهر بيان لتعاليم لوثر جاء في كتابين كتبهما عام 1529م وضمنهما خلاصة العقيدة في قالب سؤال وجواب، بالإضافة إلى اعترافات أوجسبيرج عام 1530م. وهذه التعاليم تشكل أسس العقيدة اللوثرية، وهي أن خلاص البشرية مرتهن برحمة الله وليس بالسلوك الأخلاقي والأعمال الطيبة. وبتعبير آخر، إن رحمة الله هي التي تخلص الناس من خطاياهم، والفداء بدم المسيح. وعندما يتحرر الإنسان من خطاياه يصبح مخلوقًا جديدًا، قادرًا وراغبًا في عبادة الله وخدمة إخوانه. ويرى اللوثريون أن الإنجيل يبين هذه الرسالة ويؤكدها بطريقة لا مثيل لها. ويعتقدون أن أثر الإنجيل أقوى من تعاليم الكنيسة. ولِلَّوثريين قربانان مقدسان هما المعمودية، والعشاء الرباني. ويسمى العشاء الرباني أيضًا بالقربان المقدس أو قربان المذبح.
ويشكل التاريخ الاجتماعي للكنيسة أيضًا جانبًا من المبادئ والمعتقدات اللوثرية. ويعيش كثير من اللوثريين في الدول الإسكندينافية، حيث تُعد اللوثرية دين الدولة، وكذلك في ألمانيا. أما اللوثريون الذين يعيشون خارج أوروبا فينحدرون من الأوروبيين الشماليين، لذا نجد كثيرًا من ملامح حضارة شمالي أوروبا وثيقة الصلة بالتراث اللوثري. مثال ذلك الإحساس القوي بالمسؤولية أو الواجب الفردي، إذ يُعد صفة مميزة للوثرية الألمانية كما يُعد كذلك للوثريين وللألمان أيضًا.
واللوثريون محافظون تجاه القضايا السياسية والاجتماعية التي يدور حولها خلاف. ويرجع ذلك إلى ارتباط الكنيسة بحضارات أوروبا الشمالية والطبقات الحاكمة آنذاك. ولقد ساعد لوثر على تهيئة هذا الاتجاه حين أكد على أهمية الطاعة، وحذر من عاقبة الفوضى السياسية والاجتماعية التي يخشاها أكثر من خشيته من الظلم. ولكن في بعض الأحداث السياسية ـ مثل أحداث المجر في القرن التاسع عشر ـ كانت الكنيسة اللوثرية أكثر ثورة من الكنائس الأخرى.
كرانمر، توماس (1489-1556م).
أول أسقف بروتستانتي لكانتربري بإنجلترا. ذاع صيته للدور الذي قام به لتعزيز حركة الإصلاح الديني اللوثري أثناء حكم كل من الملك هنري الثامن والملك إدوارد السادس.
ولد كرانمر في أسلكتون بنوتنجهامشاير. والتحق بجامعة كمبردج، وعُيّن فيما بعد واحدًا من الممتحنين العامين لعلم اللاهوت. وفي عام 1529م، استرعى كرانمر نظر الملك هنري الثامن، عندما اجتمع بمستشاري الملك بخصوص إجراءات الطلاق التي اتخذها هنرى ضد كاترين أراغون واقترح كرانمر أن يُعرض موضوع الطلاق في مناقشة تنظمها الجامعات الإنجليزية، وترتب على ذلك اتخاذ قرار في صالح الملك هنري.
وفي عام 1533م، تم تعيين كرانمر أسقفاً لكانتربري. وبوصفه أسقفاً أيد جهود هنري الرامية إلى كبح جماح سلطة البابا، فأصبح الرئيس الأعلى لكنيسة إنجلترا. وأصبح كرانمر، برغبة الملك هنري الثامن، أحد الأوصياء على عرش إدوارد السادس الصغير. وفي أثناء حكم إدوارد، أيد كرانمر كثيراً من الإجراءات التي تستهدف إصلاح الكنيسة ومبادئها.
وعندما اعتلت الملكة مارى (الرومانية الكاثوليكية) العرش في عام 1553م، سُجنَ كرانمر وأتباعه البروتستانت في برج لندن. وفي عام 1554م، نُقلوا إلى أحد السجون في أكسفورد بتهمة الهرطقة. وأصبح كرانمر ضعيفاً لدرجة أنه وقَّع على بيانات تبرأ فيها من أعماله السابقة كأسقف واعترف بخضوعه للبابا. وقبل إعدامه بيومين، وضعت الترتيبات كي يعلن كرانمر على الملأ تنكره لكل الإجراءات التي اتخذها من قبل، وإيمانه بكل مادة من مواد العقيدة الرومانية الكاثوليكية، والتخلي عن كل كتاباته السابقة. ولكن في اليوم الذى كان مقرراً فيه إعدامه حرقاً، أعلن كرانمر أن خطيئته الوحيدة هي تنكره لكل أفعاله السابقة.!
للتحميل يرجي زيارة الرابط التالي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق