28 مارس 2010

كيف تحرف كتابك المقدس !!

حالة ( فادي اليكساندر ) !!


بسم الله الواحد الأحد والصلاة والسلام علي الرسل أجمعين


يعد " تاريخ الإنتقال النصي " العقبة الأولي التي تواجه علماء النقد النصي في محاولتهم إعادة النص الأصلي الضائع ، فببساطة شديدة القرار النقدي لا يكون صالحاً إلا اذا توافرت فيه شروط عديدة من أهمها علي الإطلاق " تفسير " القراءات المختلفة.
ولا يقصد بالتفسير هنا المعني التقليدي المتبادر للذهن مباشرة بل هو " تفسير " كيف ومتي ولماذا واين ظهرت هذه القراءات ؟!

نعم هذا صحيح ، لقد أصبح علماء النقد النصي حالياً هم من يقع عليهم عاتق الإجابة علي السؤال الأثري الذي يملئ كافة جوانب الكتب المسيحية المدافعه عن عصمة وأصالة الكتاب المقدس.

إلا ان اي مطالع للكتابات النقدية والتعليقات النقدية لعلماء النقد النصي أمثال ( متزجر / كمفورت ) سيلاحظون علي الفور ان هؤلاء العلماء لم يلزموا انفسهم بالإجابة علي كافة إستفهامات السؤال ( كيف / متي / لماذا / أين ).

فمثلاً نص تثليث رسالة يوحنا الأولي الشهير تعامل معه علماء النقد النصي علي انه نص دخيل ، أضيف الي الكتاب المقدس في القرن الرابع بالكنيسة اللاتينية تحت داعي تدعيم الرؤية اللاهوتية. إلا أنهم وبالمقابل لم يفسروا ( كيف ) ظهر هذا النص.

والمعني أن علماء النقد النصي لن يعلقوا علي كيفية دخول هذا النص ( الدخيل ) الي المخطوطات سواء أكانت يونانية متأخره او لاتينية. وما هي الأدوات والوسائل التي تمتع بها الشخص ( المُحرف ) الذي أضاف هذا النص ولنقل في مخطوطته فحسب حتي يكون قادراً علي إقناع غيره من هذا نص صحيح يجب ان يكون في الكتاب المقدس. !

حسناً ، قد يفاجئ القارئ بأن الجواب ( العام ) لهذا السؤال ( كيف ) في الكتابات النقدية هو ببساطة ان أغلب النساخ أشخاص ( جهله ) بطبيعة ما ينقلونه ، فإذا ما وجدوا نصاً كهذا في المخطوطة المحرفة فإنهم لا يعرفون اذا ما كان صحيحاً او غير صحيحاً وسيقومون بنسخه بدون ادني تفكير.

لعل هذا لم يحدث بشكل مثالي في عبارة التثليث برسالة يوحنا الأولي ، فالكنيسة اليونانية لم تسمع عن هذا النص إلا في زمن متأخر جداً ( ويالغرابة فالتاريخ المستقر داخل الكنيسة اليونانية والمتمثل في عدم معرفة النص لم يمنع بعض النساخ من إضافته فعلاً في نسخهم !! ) ، في حين فإن النص يظهر بشكل أكبر في الكنيسة اللاتينية.

هذه هي عقبة " تاريخ الإنتقال النصي " ، فلا أحد يعرف كيف إنتقل النص من مخطوط مُحرف الي مخطوط جديد في ظل إجماع مضاد علي عدم أصاله العدد.

هل الناسخ كانت لديه المرونة الكافية ليقوم فعلياً بإضافة ما يعرف بشكل مؤكد انه غير صحيح الي مخطوطته؟!
وإذا كان الناسخ يتمتع فعلاً بهذه المرونه فهل كان الناسخ علي الثقه التامة بأن القارئ سيعده نصاً أصلياً ؟

بإختصار , النص بين القارئ والناسخ والمخطوط هي إحدي المجهولات في التاريخ المسيحي بشكل عام والقديم بشكل خاص.

كيف استطاع الناسخ ان يصل الي مرحلة الثقه الذاتيه في مقدرته عل اضافة وحذف ما يحلو له في مخطوطته
وكيف إنتقلت تلك الثقة الي قناعة تامه في مقدرته ليس فقط علي التحريف وإنما أيضاً علي بسط فعلته علي قناعة القارئ.

مثال " فادي أليكساندر "
بتاريخ 26/3/2010 نشر الزميل " فادي " مقاله بعنوان " حماقة الجاهل ".


كما هو واضح فإن المقال حمل في طياته إسفافاً بذات الله - عزوجل - من خلال ألفاظ لا يمكن ان يصدرها الكاتب نفسه لأي اب من آباء كنيسته ، ولكنها طبيعة العلاقة المسيحية بخالقها علي ايه حال.

بدا واضحاً ان المقال سيلاقي رداً عنيفاً من قبل القراء ، فالمقال صيغته مبتذله وتحط من قيمة المخاطب ( الله ) عزوجل.
وفعلاً فبعد تعليق من قبل أحدهم عن الشعره الفاصلة بين الجنون والنبوغ ، بدء ( الناسخ ) فادي في التفكير في تعديل النص الحقيقي الذي كان مكتوباً.

- ظهرت الفكرة في ذهن " فادي ".
- وثق فادي في قدرته علي " تحريف " ما كُتب مسبقاً.
- وثق فادي في قدرته علي إقناع القارئ بما سيـ " حرفه " عوضاً عن النص الأصلي.
- حرف " فادي" النص ماسحاً ما عرضه للإتهام من قبل أصدقاءه قبل أعداءه.

فصار المقال علي هذا النحو:


إختلفت القراءات:
- صار " الله " الي " سليمان "
- صار "مجنون" الي "متناقض"

القضية هنا لا تتمثل فحسب في التناقض البين بين مخاطب المقال في شكله الأول ومخاطب المقال في شكله الثاني بعد التعديل.
ولكن القضية تتمثل في التاريخيه التي أرساها " فادي" في تعامله مع تفسير النص.

ففي المخطوط الأول ( الصورة الأولي ) كان الزميل يهزء بالذات الإلهيه قائلاً:

(( أول مرة قرأت هذين المثلين قلت فى نفسى:"عزيزى الله، هل أنت مجنون أم ماذا بالضبط؟". ))

في حين فإن المخطوط الثاني ( الصورة الثانية ) كان الزميل يهزء من سليمان (الحكيم !! ) قائلاً:
(( أول مرة قرأت هذين المثلين قلت فى نفسى:"عزيزى سليمان، هل أنت متناقض أم ماذا بالضبط؟". ))

بكل بساطه لقد كذب الزميل "فادي" فيما نقله عن تاريخيه سؤاله.
فهو إما سأل "الله" واصفاً إياه بالجنون او سأل "سليمان" ساخراً ناعتاً إياه بالمتناقض.

في تلك الحالة فإن (الناسخ) فادي تمتع بالمرونه الكافية لإقناع ذاته الشخصيه علي ضرورة (تحريف) كلامه السابق.
ثم إنتقلت تلك المرونه الي فعل حقيقي تمثل في (تحريف) السؤال الأصلي الي سؤال أخر.
إلا ان المرونة الفائقة تمثلت في قدرة الزميل علي الإستخفاف بالقارئ الذي كان يعرف المقال الأصلي في صورته الحقيقية وإقناعه الي ان المقال في صورته الثانية هي الصورة الأصلية.
فأي قارئ الأن سيقرأ مقال الزميل في صورته الثانية ( الحالية ) سيكون علي قناعه تامه بأن الزميل سخر من "سليمان" الحكيم وليس من "الله" !!

هكذا إذا يمكنك أن تحرف الكتاب المقدس.
ان اي ناسخ خلال القرون المسيحية الأولي كانت لديه المرونة الكافيه الذاتيه علي تحريف مابين يده من النص المقدس.
تلك المرونة كان يقابلها إما مرونه من القارئ علي تلقي هذا التحريف علي انه أصل مقدس او مرونه نابعه من جهل سابق بما يقرأه.
ولهذا عُدت عملية إعادة تسطير "تاريخ الإنتقال النصي" مستحيله التحقيق. نظراً لأننا لا نملك خطاً مستقيماً للإنتقال النصي يمكننا من القياس عليه ( هفوات ) الناسخ ، بل ان التقليد النصي يُظهر وكأن النساخ كانوا في أوقات يعلمون بشكل مؤكد ان النص الذي ينسخونه ليس صحيحاً في ضوء التقليد النصي المنتشر وقتها ( علي سبيل المثال فعل المخطوطات اليونانية في نص التثليث ).

تماماً كما فعل ( المُحرف ) وهو يُبدل بيده عالماً بتحريفه وكذبه لفظ " الله " بـ "سليمان".

فهكذا حُرف الكتاب المقدس.
وهكذا دخل نص التثليث الكتاب المقدس. !!
وهكذا حرف "فادي" مقالته وخدع قراءه. !! وصار لفظ الجلالة (سليمان). !!
وهكذا يمكن لأي مسيحي ان يُحرف كتابه المقدس. !!

19 مارس 2010

الجريدة النقدية العدد الثالث : مارس 2010

الجريدة النقدية والنقد النصي !!

بسم الله الواحد الأحد والصلاة والسلام علي الرسل أجمعين


لا شك ان هذا زمن " النقد الكتابي " ، ربما هي كلمات من البساطة بحيث يمكنها التعبير بمصداقية كبيرة عن حال الحوار الإسلامي المسيحي في الوقت الحالي.

فبنظرة سريعة يمكننا إكتشاف أثر النقد الكتابي في طبيعة الحوارات المتبادلة ، فتقريباً لا يوجد منتدي سواء أكان مسيحياً او إسلامياً إلا وقد أوفر جانباً من مكوناتة الي مادة " النقد النصي ".

إلا انه وعلي الرغم من ذلك فلا يظل ذلك العلم بطياته وتأثيراته الحقيقية بعيداً كل البعد عن العامة.

فلا يزال هناك من يعتبر ان الإختلافات بين المخطوطات ماهي الا مجرد أختلافات لا قيمة لها ، ولا يزال هناك من يلهثون خلف الكلمات الرنانة من نوعية " آلالاف المخطوطات " , " النص الأصلي " وغيرها.

ولذا فإن تركيزنا خلال هذا العدد كان منصباً علي التطبيقات الفعليه للنقد النصي وتوضيح الأساليب والخطوات العلمية التي يتبعها علماء النقد النصي في تحديد صحة قراءة من عدمها.

في هذا العدد نواصل الحقيقة التي بدأناها بالعدد الأول والتي تثبت ان هذا ليس كتاباً مقدساً وإنما هو في الحقيقة كتاباً بشرياً يحمل كل الملامح البشرية الخالصه من أخطاء نسخيه وتاريخيه تثبت ان ان هذا الكتاب كتبه بشر ونقله بشر وزاد عليه بشر وانقص منه بشر وغير فيه بشر حتي وصل الينا منتجا بشريا صافيا مائة فى المائة.

فبعد مقدمة العالم " إيرمان بارت " بالعدد الأول ننتقل الي مقدمة أكثر إحترافيه للعالم الشهير " جوردون دي في " والذي يُعد واحداً من أشهر علماء النقد النصي حالياً ، نتعرف من خلالها علي نبذات مختصره لتاريخ الإنتقال النصي للعهد الجديد خلال مراحله المختلفة من النسخ اليدوي الي الطباعه مروراً بمرحلة النص النقدي ومعلومات مفيدة عن أشهر وأهم النسخ النقدية الموجودة حالياً.

ومن مقالة دكتور " ميشيل د. مارلو " عن نص الأغلبية وإختلافات نص الأغلبية عن النص المُستلم ننتقل الي المرحلة النقدية الحديثة في نقد نص الأغلبية القائم علي النص المكتسب من أغلب المخطوطات اليونانية وذلك من خلال شرح أوجه القصور والعيوب التي منعت أغلب علماء النقد النصي من الإعتماد علي قيمة المخطوطات ككمية في سبيل تقريرهم لصحة قراءة من عدمها وذلك من خلال مقالة " نظرة نقدية في مقولة دع الأرقام تتحدث ".

ومن عقلنة الفوضي وتاريخ الإنتقال الضائع لنص العهد الجديد نطرح القضية الغائبة عن عامة المسيحيين ألا وهي حقيقة موت المسيح في ضوء أقدم مخطوطات العهد الجديد ، وهل حقاً كانت الكنيسة في تاريخها القديم تؤمن بأن يسوع قد مات بطريقة أخري غير الصلب ، وهل حقاً الخلافات النصية لا تؤثر علي سلامة الإيمان المسيحي ام ان هناك إختلافات تنهي علي تلك الأسطورة من جذورها بل وتثبت ان الكنيسة لم تبني في جوهرها علي صلب المسيح.

وأخيراً فمن خلال تحليل نقدي لكتابات واحداً من أشهر آباء الكنيسة وهو الأب متي المسكين فإنه بإمكاننا التأكيد علي ان الكنيسة القبطية لا تزال بعيده كل البعد عن النقد النصي ولا تزال كتابات آباءها مفعمة بالأخطاء العلمية والنصوص التي تُعد الأن في العلم النقدي علي انها مجرد إضافات مزورة لنص العهد الجديد.

هذا العدد هومعلومة أكاديمية حقيقية تحمل كل صفات الأمانة بدون غش أو تدليس ليستفيد منها كل باحث عن الحق ولكل مدافعاً عنه ، سائلين الله عزوجل ان يتقبل منا هذا العمل خالصاً لوجه وان يكون سبباً في هداية الناس.

د.حسام أبو البخاريANTI -) ) : طبيب بشري وباحث فى مقارنة الأديان

أيمن تركي (أنا مسلم) : باحث في مقارنة الأديان